استجابة مخرجات الحوار لمطالب المعارضة هل تليِّن مواقفها وتزيل الاحتقان؟
تأكيدات واسعة بشأن التوافق على الحكومة الانتقالية
الخرطوم – عقيل أحمد ناعم
قبل أن يجف مداد التصريح الذي أدلى به لـ(المجهر)، رئيس تيار إسناد الحوار، وعضو الأمانة العامة للحوار الوطني د.”عمار السجاد”، والذي أكد فيه قبول المشاركين في الحوار، بمن فيهم المؤتمر الوطني بنسبة (100%)، بمبدأ الحكومة الانتقالية والبرلمان الانتقالي ومنصب رئيس وزراء، سارعت الأمانة العامة لتوضيح أن لجان الحوار لم تصل إلى مرحلة إعداد توصياتها النهائية، وأنه لا يمكن الحديث عن أي اتفاق بالنظر إلى أن اللجان لا زالت تواصل حصر نقاط الاختلاف والاتفاق، ولكن بالمقابل لم يحمل توضيح الأمانة العامة للحوار نفياً للمعلومات التي أوردها “السجاد”، وهو ما يؤكد أن قضية الحكومة الانتقالية أكثر قضايا الحوار إثارةً للحساسية، والتي لا تحتمل بعض الأطراف أي تصريحات حولها قبل ختام مؤتمر الحوار وإجازة مخرجاته، قد تم التوافق حولها، فقد تعامل المؤتمر الوطني من قبل بما يشبه (الهلع) مع تصريح الأمين العام للمؤتمر الشعبي د.”حسن الترابي”، بأن الحوار سيمضي للاتفاق على تدابير انتقالية، وذات الأمر حدث مع تأكيدات ممثل الإخوان المسلمين في لجنة الحكم “أمية يوسف” لـ(المجهر) بأن (74%) من المتحاورين توافقوا على الحكومة الانتقالية، في وقت عجّل فيه المؤتمر الوطني بالنفي، وظلت التدابير الانتقالية هي النقطة الأهم في أجندة ومطالبات القوى السياسية المقاطعة للحوار، ويظل السؤال المُلح – والحوار يمضي نحو نهاياته – كيف ستتعامل القوى المقاطعة مع مخرجات الحوار، إن جاءت مستجيبة لاشتراطاتها ومطالبها، خاصة وأن الكثير من القوى المشاركة في الحوار الآن ، تؤكد أن إجماعاً واسعاً حصل عليه مقترح الحكومة الانتقالية؟
*حتمية تدابير الانتقال
معلوم أن أشد الأحزاب تمسكاً بخيار الحكومة الانتقالية هو المؤتمر الشعبي، وورد هذا على لسان أمينه العام “حسن الترابي”، وبالنظر إلى ما رشح كثيراً عن وجود تفاهمات خاصة بين “الترابي” والرئيس “البشير” حول قضايا الحوار ، بجانب تمسك أغلب المشاركين في الحوار بخيار الحكومة الانتقالية، يبدو جلياً أن أبرز ما ستحويه مخرجات الحوار الوطني، هي الحكومة والتدابير الانتقالية مجتمعة، هذا بخلاف أن الحكومة الانتقالية هي شرط غير قابل للنقاش لدى القوى المقاطعة للحوار، وبالتالي يؤكد عدد من المراقبين عدم إمكانية إفشال الحوار الوطني بعد كل هذه الأشهر الطويلة التي تلت خطاب (الوثبة) الشهير برفض الحكومة أو حزبها الحاكم الاستجابة لأهم مطالب القوى السياسية المشاركة والممانعة.
*(الأمة) اهتمام بالمخرجات وتعويل على (التحضيري)
أبدى حزب الأمة القومي الذي يتزعمه “الصادق المهدي”، كثيراً من المرونة في نظره لمخرجات الحوار الوطني، الذي كان أبرز عرابيه قبل أن يغادره مغاضباً عقب اعتقال رئيسه، فقد رحّب نائب رئيس الحزب اللواء (م) “فضل الله برمة ناصر” في حوار نشر (أمس) في (المجهر)، بإمكانية خروج الحوار الوطني الجاري حالياً باتفاق حول الحكومة الانتقالية وبقية مطلوبات المعارضة، مؤكداً في ذات الوقت أن الحوار الحالي لا يعني حزبه لكن تعنيه مخرجاته، مشيراً إلى أنها في حال استجابت لمطلوبات المعارضة، ستكون الخطوة التالية جلوس حزب الأمة ونداء السودان مع لجنة (7+7) لوضع الترتيبات للحوار، والذهاب للمؤتمر التحضيري، وقال “هذه المخرجات إذا كانت جادة ومستجيبة لتطلعات الشعب السوداني، سنقول لهم مبروك احملوا مخرجاتكم، ولنذهب للمؤتمر التحضيري”، وأوضح “ناصر” أن المؤتمر التحضيري يتم خلاله الترتيب لحوار جاد، وإعفاء المحكومين سياسياً، حتى يكون الحوار شاملاً لكافة الأطراف، خاصةً الحركات المسلحة، لضمان أن يحقق الحوار سلاماً شاملاً وتحولاً ديمقراطياً كاملاً، وقال “إذا لبى الحوار الجاري تطلعات الشعب في تحقيق نظام حكم شامل، لا يعزل أحداً ولا يهيمن عليه أحد، ويشارك فيه الجميع بحكومة قومية لفترة انتقالية، تنفذ البرنامج الذي نتفق عليه، فسنحيي المؤتمر الوطني إن جاءت به الانتخابات التي تعقب الفترة الانتقالية”
*تشكيك في مواقف الوطني
ورغم هذه المرونة، إلا أن حزب الأمة لا زال مشككاً في نوايا المؤتمر الوطني، وإمكانية قبوله بمبدأ الحكومة الانتقالية وتنفيذه، وهذا ما تبدى في إفادة اللواء (م) “برمة”، وتساؤله حول جدية الوطني واحتمال قبوله بالفترة الانتقالية، حيث قال “هل سيقبل المؤتمر الوطني بالحكومة الانتقالية إن توافق عليها المشاركون في الحوار؟”، وأضاف “بمجرد ما صدر كلام حول قبول الحوار بحكومة انتقالية، خرج إبراهيم محمود وغيره، ليقولوا إن هذه مجرد أوهام”، ذات التشكيك ينتاب قوى الإجماع الوطني التي صرح الناطق باسمها “أبوبكر يوسف” لـ(المجهر)، بأنهم يشككون في كل ما يرد حول خروج الحوار الوطني بتوافق حول الحكومة الانتقالية، وقبول الوطني بها، وقال “إن كان النظام لديه استعداد للاستجابة لمطلوبات الحوار، لما كان قد مضى في حوار غير جاد”.
*قوى الإجماع.. رفض (البصمة)
“مستحيل أن تقبل قوى سياسية لديها جماهير وتاريخ نضالي طويل، بأن تبصم على مخرجات لم تشارك فيها”، هكذا أكد الناطق الرسمي لقوى الإجماع الوطني المقاطعة للحوار “أبوبكر يوسف” على موقف تحالف المعارضة من مخرجات الحوار الوطني، وأشار إلى أن مواقف قوى الإجماع ظلت ثابتة في المناداة بحوار جاد ومثمر يشارك فيه الجميع، وقال “لو كان النظام جاداً فعليه تقديم تنازلات حقيقية”، وتوقع “يوسف” فشل الحوار الجاري في إيقاف الحرب وخلق مصالحة سياسية، وقال “ما يجري حالياً حوار معزول، والمشاركون فيه غير مؤثرين”.
*لكل حدث حديث
الناطق باسم قوى الإجماع “أبوبكر يوسف” أكد على موقف المعارضة من دعم أي حوار يوقف الحرب، ويحدث اختراقاً في معالجة أزمات البلد، وقال “هذا لا يعني أننا نشترط أن نكون جزءاً من هذا الحوار، أو من التشكيلة الانتقالية الناتجة عنه “، أما في ما يتعلق بالموقف من مخرجات الحوار الحالي، في حال جاءت ملبية لكافة مطلوبات المعارضة، فقد بدا “يوسف” متحفظاً على إبداء موقف محدد، وقال “سنقيِّم هذه المخرجات، وحينها، سيكون لكل حدث حديث”.