"حسن هلال" في العدسة الظالمة!!
بقلم – عادل عبده
دفتر بعض الصحفيين يموج بتصرفات مؤسفة تتمثل في الهجوم الشديد على وزراء الأحزاب المشاركة في الحكومة عند الاختلاف معهم، في حين لا يقوم هؤلاء بتطبيق ذات المنهج على دستوريي المؤتمر الوطني النافذين، في خطوة تعكس السلوك التعويضي الذي يؤكد عجزهم وعدم مقدرة التصويب المضاد لأصحاب الناقة في السلطة.
قلم صحفي كبير في سياق خلافه مع الأستاذ “حسن هلال” وزير البيئة والتنمية العمرانية من خلال واقعة محددة حرض رئيس الجمهورية والدكتور “جلال الدقير” بعزله من منصبه، مبيناً أن الرجل فقد أهلية البقاء في وزارة البيئة.. والواقعة من منظور الزميل الصحفي تفيد بأن الوزير “هلال” مارس عليهم مع أربع صحف أخرى الكذب الضار وإثارة الهلع عندما تقدم بشكوى حيالهم أمام مجلس الصحافة والمطبوعات حول تحوير إفادته في مسألة تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، فجاءت النتيجة لصالح تلك الصحف بينما خسر “هلال” الشكوى.. من هنا تومض لمحة شفافة عن النوايا الداخلية التي تجعل المرء يتجاوز قواعد التوازن بين الخطأ والعقوبة، فضلاً عن القيام بضرب الحائط على إنجازات كثيرة لوزير ناجح مقابل خطأ يتيم.
فالقاعدة المنطقية المبنية على العدالة والنزاهة لا تسمح بأن يكون حجم العقوبة أكبر من تأثير الفعل الخاطئ حتى لا يصل الحكم إلى مستوى الانتقام والتشفي، بل الخطأ نفسه الذي اُتهم فيه الوزير “هلال” صار يتهاوى حسب ما جاء في مقالة الصحيفة التي ذكرت بأن وزير البيئة استدرك ما قاله عن قضية تلوث المياه في البرلمان بعد الزوبعة، وهذه دلالة على المراجعة التصحيحية من جانبه.
لا يختلف اثنان على مستوى الإثبات والتأكيد بالطفرات الهائلة والإنجازات الواضحة التي قام بها الأستاذ “حسن هلال” في وزارته، فالشاهد أن الرجل جعل من البيئة قضية مركزية على أفواه السودانيين وقاتل بضراوة في سبيل معالجة الأوضاع البيئية المزرية، فضلاً عن قيامه بإنشاء العديد من المعامل البيئية وبناء القطاعات العمرانية، علاوة على فوزه بالجوائز العالمية في مجال البيئة على يد المستر “بان كي مون” سكرتير عام الأمم المتحدة وحصوله على تمويل ضخم من العملة الصعبة لصالح المشروع البيئي الكبير.. من هذا المنطلق كيف يخرج الحديث عن فقدان أهليته من الوزارة؟ وأين يذهب هذا السجل الفخيم من النجاحات والإنجازات الباهرة؟.. وفي الذهن أن القيمة العرفانية التي وردت في القرآن الكريم تحسم حكم الفلاح للمرء بناءً على ثقل الحسنات والإيجابيات في الميزان.. والذين وصفوا “هلال” بفقدان أهليته في الوزارة اختلط عليهم الأمر وراهنوا على وزن الريشة على حساب وزن الفيل.
العدسة الظالمة التي انطلق من ثناياها الحكم القاسي على الوزير “هلال” تحتاج إلى المزيد من المعلومات الصادقة والصحيحة عن شخصيته، فالمعلومة الموتورة تتراقص كفراشة حائرة تصطدم بالمصباح المتوهج وتموت في الحال، فالوزير “حسن هلال” ليس حديث عهد في التعامل مع الصحافة، فقد كان رئيساً لنادي الهلال في منتصف التسعينيات وتعامل مع فئة الصحفيين الذين يسلخون الناموسة أكثر من الصحفيين السياسيين، علاوة على ذلك أشرف على ورش إعلامية كثيرة في مجال الاقتصاد وجالس كبار الصحفيين والإعلاميين الأجانب والعرب في مشواره السياسي الطويل.
في خضم حديثنا لابد من القول إذا كان كل دستوري يغادر منصبه بتلك العقلية التي حاكمت “هلال” فمن الذي سيبقى في موقعه؟ بل ما هو الحكم على الأخطاء الصحفية العديدة التي وردت في ذات الصحيفة خلال السنوات الماضية؟!
المحصلة أن التحامل الشديد الذي ورد في حق الوزير “هلال” جعل من هذا الحديث لازماً وواجباً ليقدم منظوراً مغايراً وشفافاً دون تجريح وإسفاف.