مسألة مستعجلة
زواج القاصرات!!
نجل الدين ادم
في السابق كانت الفتيات عندما لا يعجب إحداهن عرضاً للزواج من شخص تكون أقصر الطرق (للزوقان) من العرض الذي تعتبره (مهبباً) بقولها (عاوزة اقرأ)، لكن هذه الأيام انقلبت الآية فباتت الفتيات يهربن من (القراية) بالوقوع في أول عرض للزواج وغالباً ما تكون الأسر شريكة، بل المتهم الرئيس في هذه الجريمة وهي زواج الفتاة وهي قاصر، وقاصر هنا أقصد بها القصور في الوعي والإدراك، لأن سن الـ(17) التي كانت تتزوج فيها الفتاة في السابق ليست ذات الـ(17) عاماً عندنا اليوم!.
ما قادني إلى هذه القضية هو ما حمله تحقيق خطير نشرناه في عدد الصحيفة ليوم أمس (الأربعاء) وأشار إلى أن (38%) من الفتيات يتركن مقاعد التعليم من أجل الزواج!، وبالتأكيد فإن الناتج يكون أمهات جاهلات وهذا مفروغ منه.
هكذا هي تفاصيل مأساة تعانيها عدد من البيوت، فلم تعد الولايات وحدها هي التي تقع في هذه المشكلة فحسب، بل صارت ولاية “الخرطوم” العاصمة هي الأخرى ضمن قائمة هذا التردي الاجتماعي.
تبعات الزواج المبكر قبل أن يكتمل نضج الفتيات له سلبيات كثيرة تمتد لتلحق بالمجتمع بأسره، وعلى رأس هذه السلبيات الحيلولة دون إكمال التعليم، أيضاً من تبعات مثل هذه الزيجات أن المحصلة تكون قهر الزوج وعدم قدرته على تحمل تصرفات الفتاة القاصر وربما يؤدي ذلك إلى الطلاق، وبذلك تنضم الفتاة بعد فترة وجيزة إلى قائمة المطلقات، وقد قرأت (أمس) خبراً عن تسجيل حي مايو جنوب “الخرطوم” نحو (1250) حالة طلاق خلال العام المنصرم، لاحظوا هذا الرقم هو المسجل ولكن هناك قائمة طلاق أخرى أكبر لم يتم تدوينها في دفاتر الأحوال الشخصية.
يتضح من خلال قرائن الأحوال التي تتم أن أسر الفتيات هي المتهم الأول في وقوع مثل هذه الزيجات، وفي المقابل تجد الفتيات أكثر تحمساً خشية أن لا تجد عرضاً وتصير عانساً في ظل عزوف الشباب عن الزواج.
المشكلة تبدو معقدة ربما تكون الفتيات محقات في عدم تفويتهن أي فرصة زواج جادة وكذلك الأسر، لكن في الغالب تكون التبعات سالبة أكثر من كونها إيجابية، فما كانت تخشى منه الأسر يتضاعف بتزويجهم لابنتهم والتي تعود إلى منزل أبيها مطلقة بسبب قصور وعيها، وتصبح المشكلة أكثر تعقيداً، أما إذا كان نصيبها أن وضعت طفلاً، فإن المشكلة الاجتماعية تتفاقم هنا، ويعيش المولود موزعاً ما بين أمه وأبيه وينضم إلى ضحايا الممارسات الاجتماعية الخاطئة.
عليه فإنه بات من الضروري أن تتدخل الدولة عبر وزاراتها المتخصصة مثل الرعاية الاجتماعية أو غيرها في مسألة حماية المجتمع من إفرازات زواج القاصرات، وذلك بسن تشريعات تحكم مثل هذه الأمور والعمل على تحديد سن للزواج، عندها يمكن أن تقل السلبيات ويعيش المجتمع معافى من تبعات مثل هذه الأخطاء.. والله المستعان.