الوساطة القطرية تكثف جهودها على مسار الحل في دارفور
وسط توقعات بطي ملف المنطقتين
الخرطوم – وليد النور
تعددت الوساطات الدولية في حل الأزمة السياسية السودانية التي تطاول أمدها بين الحكومة والأحزاب السياسية والحركات الحاملة للسلاح، وعقب انقسام المعارضة السياسية نشطت الدول الغربية في التوسط بين الحكومة والمعارضة في وقت بعث فيه “ياسر عرمان” برسائل عبر الوسائط الإعلامية إلى قادة (نداء السودان) بالداخل والخارج أطلعهم فيها برغبة ألمانيا في تقريب وجهات النظر بين قوى (نداء السودان) وحركة (الإصلاح الآن) للاتفاق على نقاط قبل ذهابهم إلى العاصمة الإثيوبية للقاء الحكومة السودانية في جولة جديدة، لكن حركة (الإصلاح الآن) أكدت عدم تلقيها الدعوة، وفي نفس الوقت لم تعترض عليها، وقالت حال وصول الدعوة ستلبي طلب ألمانيا، وسبق أن أعلن مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم محمود” عن قرب التوصل إلى اتفاق مع قطاع الشمال.
وكشف الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال “ياسر سعيد عرمان” عن تحركات تقودها ألمانيا لعقد اجتماع لقوى (نداء السودان) و(الإصلاح الآن) في برلين للاتفاق على المطلوبات من الاجتماع التحضيري، المرتقب عقده مع الحكومة بأديس أبابا. في الوقت الذي قال فيه نائب رئيس حركة (الإصلاح الآن) “حسن عثمان رزق” لـ(المجهر) إن الدعوة لم تصل من ألمانيا، لكن حال وصولها لن نتردد في قبولها لأن ألمانيا من الدول الغربية التي تسعى لتقريب وجهات النظر بين فصائل المعارضة لتوحيدها في مواجهة الحكومة. وانتقد “رزق” رفض الحكومة التفاوض مع الأحزاب السياسية خارج البلاد، وقال إنها لم ترد أن تخرج من دائرتها الضيقة التي تشجع الأحزاب على التمرد، فيما أعلن الوفد الحكومي جاهزيته لاستئناف جولة جديدة غير رسمية مع قطاع الشمال، مبيناً أنه يجري مشاورات مكثفة لإنجاح الجولة المقبلة، لافتاً إلى أن مخرجات ونتائج الجلسة غير الرسمية مع الحركة الشعبية حفزت حركات دارفور للموافقة على جلسة غير رسمية مع الحكومة، بطلب الوساطة الأفريقية. وقال المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي د. “حسين حمدي”- طبقاً للمركز السوداني للخدمات الصحفية، أمس (الثلاثاء)- إننا نتوقع توقيع اتفاق مع قطاع الشمال في الجلسة القادمة عقب الجلسة غير الرسمية المقرر انعقادها خلال هذا الشهر، كاشفاً عن اتفاقهم في الجولة الماضية على (90%) من المسودة المقترحة من الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى.
وأوضح “حمدي” أن قيادة الحركة الشعبية أبدت مرونة وإيجابية في الجولة السابقة، مشيراً إلى أنه لأول مرة يبدي قطاع الشمال جدية تجاه القضايا الوطنية عامة وقضية المنطقتين على وجه الخصوص، متوقعاً أن تطوي الجولة المرتقبة ملف المنطقتين.
ونقل “عرمان” في رسالة بعث بها لقيادات تحالف (نداء السودان) داخل السودان وخارجه، لإحاطتهم بالتطورات الأخيرة ودعوة الوساطة لجولة غير رسمية مع الحكومة، نقل أن التحركات الألمانية، التي لم يؤكد نضجها بعد، تأخذ في الاعتبار أن رئيس حركة (الإصلاح الآن) من الموقعين على اتفاق سبتمبر 2014، وأضاف: (الاجتماع إن تم مفيد لتوحيد رؤية المعارضة إجمالاً لا سيما قوى نداء السودان). وبعث “عرمان” برسالته إلى كل من “الصادق المهدي”، “فاروق أبو عيسى”، “نصر الدين الهادي”، “زينب كباشي”، “محمد مختار الخطيب”، “إبراهيم الشيخ”، “أمين مكي مدني”، “صديق يوسف” و”غازي صلاح الدين”، وتعمل الحكومة الألمانية على تسهيل عملية السلام والتحول الديمقراطي في السودان، ونظمت عدة اجتماعات داخل وخارج السودان للأحزاب السياسية السودانية والحركات المسلحة كما أنها وقعت في ديسمبر 2014 اتفاقية شراكة إستراتيجية مع الآلية الأفريقية لدعم جهودها لإنهاء النزاعات المسلحة في السودان. وتوقع “عرمان” أن تقدم الآلية رفيعة المستوى تقريرها السنوي لمجلس السلم والأمن الأفريقي في العشرين من يناير الجاري، مرفقاً بخطة عملها الجديدة، ورجح تجديد مهامها لتمكينها من مواصلة عملها في السودان. وتابع: (هنالك اتصالات إقليمية ودولية وأفكار جديدة من أطراف مهمة إقليمية ودولية لأخذ المستجدات واللاعبين الجدد في الاعتبار والحسبان مثل السعودية). وأبلغ “عرمان” حلفاء الحركة بأن الوسيط الأفريقي “ثامبو أمبيكي” سعى لعقد اللقاء التحضيري قبل العشرين من يناير، لاختبار إرادة الأطراف في قضايا الحوار الوطني قبل تقديم خطته الجديدة، مستدركا: (وهو أمر صعب الآن).
وشدد الأمين العام للحركة أنه ليس من مصلحة “قوى التغيير” استمرار الموقف الأفريقي والإقليمي والدولي على ما هو عليه، بما يصب في مصلحة النظام الحاكم، وأضاف: (تظل الجبهات الداخلية هي الأصل وهي العامل الرئيسي للتأثير على الخارج.. مع ذلك من المهم وضع إستراتيجية للعمل الخارجي.. إن العالم يتغير وهذه ليست السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات في العمل المعارض وهو بالضرورة أمر معلوم لنا جميعاً). وبشأن الجولة غير الرسمية التي أعلن عقدها بين الحكومة والحركة الشعبية، أوضح “عرمان” تأييدهم لأية فرصة للوصول إلى حوار متكافئ يؤدي إلى حل سلمي شامل يوفر المساعدات الإنسانية ويوقف الحرب ويتيح الحريات، وتابع: (في إطار تحقيق هذه الأهداف يتمتع وفدنا بالمرونة الكافية ولن نتنازل عن الهدف المشترك في الحل الشامل والحوار المتكافئ للوصول إلى تسوية سياسية في إطار عملية سياسية ذات مصداقية)، كما أبدى استعدادهم خلال وجودهم في أديس أبابا لإجراء مزيد من المشاورات مع القوى السياسية والمجتمع المدني حول قضايا التفاوض والحوار، والعمل على تطوير المواقف المشتركة لمخاطبة المستجدات. ورحب “عرمان” في سياق آخر بالجهود المبذولة بشأن مسار الحل في دارفور، ولفت إلى علمهم بتحركات لعقد جولة غير رسمية في أديس أبابا أو برلين عقب لقاء قيادات الحركات المسلحة بالوسيط القطري في باريس، وقال: (نرحب بهذه الجهود وطالبنا الحكومة السودانية من قبل أن تجري اللقاءات في المسارين، لأن الحرب يجب أن تتوقف بشكل متزامن). في وقت بعثت فيه حركتا العدل والمساواة بقيادة “جبريل إبراهيم” وتحرير السودان برئاسة “مني أركو مناوي” برسالة مشتركة موجهة إلى “أحمد بن عبد الله آل محمود”، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، طلبا فيها لقاء الوساطة القطرية للتفاكر حول عملية السلام في دارفور، وقد تم اللقاء في باريس (الاثنين) الماضي. وكان اللقاء بناءً، وجرت المشاورات في جو من الود والصراحة، تركزت حول عملية السلام في دارفور ودور الوساطة القطرية الفاعلة في تحقيق السلام الشامل في دارفور. وقد اتفق الجانبان على أن تقدم الحركتان ورقة تفصيلية للوساطة القطرية، تتضمن رؤيتهما حول إمكانية إيجاد قواسم مشتركة لعملية السلام في دارفور في أقرب وقت ممكن.
ويتوقع المراقبون حدوث اختراق كبير في مفاوضات المنطقتين حال انعقاد الجولة غير الرسمية بين الحكومة وقطاع الشمال، ثم انفراج آخر بين الحكومة و العدل والمساواة من جهة ثانية.