نائب رئيس حزب (الأمة القومي) ، في إفادات جريئة لـ(المجهر)
* “الصادق المهدي” مظلوم .. وأشهد أنه يؤسس للخلافة ، لا للوراثة!
* أي حديث عن وجود “مبارك” داخل
الحزب ليس صحيحاً، لأنه فقد عضويته
* نهج الصادق في الخروج من الابوية الى المؤسسة هو سبب الخلاف
* تبقت للإمام الصادق مهمة واحدة في الخارج ، هي الأزمة السودانية
*الحزب لم يتأثر بخروج مسار ونهار الذين لم يترشحا في انتخابات جماهيرية
شهد الشهر المنصرم احتفالاً للإمام “الصادق المهدي” بمرور العام الثمانين من عمره بقاهرة المعز، وبمرور العام الثمانين يكون “المهدي” قضى (50) عاماً على رئاسة حزب (الأمة القومي)، شهد خلالها الحزب عدداً من الانقسامات والانشطارات بطلها “الصادق المهدي”. جلسنا إلى نائبه الفريق “صديق محمد إسماعيل” الذي دافع عن طول بقاء الإمام في رئاسة الحزب، وقال إنه مظلوم في الاتهامات ، التي وجهت إليه.. فإلى مضابط الحوار..
حوار- وليد النور
{ يتردد ان هنالك نذر اضطراب أو تمرد في حزب (الأمة) وأنباء عن انشقاق وشيك يقوده السيد “مبارك الفاضل” ومعه قيادات بسبب غياب الإمام “الصادق” لما يقارب العام خارج البلاد ،مما أدى لحدوث تململ وسط قاعدته، ما حقيقة الامر ؟
– نعم الإمام “الصادق” غادر منذ أكثر من عام تقريباً إلى خارج البلاد، وهو لم يخرج فاراً من مهامه التنظيمية بقدر ما هو ينفذ في برامج وخطط الحزب، فمثلاً لقاؤه بـ(الجبهة الثورية) كان قراراً تنظيمياً وبقيت له مهمة وحيدة هي مهمة الأزمة السودانية التي أصبح (قاب قوسين) لانجازها بالدعوة للمؤتمر التحضيري المزمع انعقاده خلال الأيام المقبلة، حينها يكون السودان قد تخطى العقبة الأولى في طريق السلام الشامل والتوافق مع كل القوى السياسية.
{ تعني أنه لا يوجد تململ وسط قواعد الحزب؟
– أي حديث عن أن مؤسساتنا أو قياداتنا ملت أو ضاقت ذرعاً بغياب السيد “الصادق” غير صحيح، وقبل شهر ذهب أكثر من (40) من قيادات الحزب بالولايات والشباب لـ”القاهرة” في احتفال ثمانينية الإمام وعقدوا لقاءات جيدة معه.
{ هل يعني ذلك عدم صحة مايشاع عن انشقاق جديد يقوده “مبارك الفاضل”؟
– “مبارك” قاد انشقاقاً منذ عام 2000م وأحدث جرحاً في جسد حزب (الأمة) وسعينا لدمل هذا الجرح بعناية، ولكن ظل السيد “مبارك” والذين يلتفون حوله من وقت لآخر ينكأون هذا الجرح، وما يفعله الآن هو العودة لنكأ الجرح ، ولكنه لا يؤلمنا.
{ يقال ان الانشقاقات بدأها الإمام “الصادق” منذ أكثر من (50) سنة ،حينما أخرج “محمد أحمد المحجوب” من رئاسة الوزراء ،وهو ابن الثلاثين ربيعاً؟
– في الحقيقة حزب (الأمة) متجدد ولم يبق منكفئاً على ماضيه، وهنالك تطور في التركيبة والعضوية، ولذلك هذه المسألة لابد أن يكون لها تأثير من وقت لآخر في البناء التنظيمي للحزب وتأثير في مواقفه.. الواقع يقول إن “الصادق المهدي” لم يتبوأ هذا الموقع كمنصب رئيس الحزب بانتخاب حر وإرادة جماعية لحزب (الأمة)، وأصبحت الآن هنالك مؤسسة اسمها المؤتمر العام لحزب (الأمة) هو الذي ينعقد ويقرر من يكون رئيس الحزب هذا المؤتمر انعقد في 2009م، وحينها السيد “مبارك الفاضل” لم يكن عضواً في الحزب.
{ كيف؟
– عندما انتخب السيد “الصادق المهدي” وحاول التوسع في مجلسه ، وجدها “مبارك” فرصة .وقدنا هذا العمل وتم توافق مع ممثلين، ولولا ذلك لم يجد “مبارك” مكاناً في الحزب، ولكنه رفض لأنه كان يتطلع لشرعية خاصة به ،وليست شرعية الحزب.
{ تعني أنه الآن خارج دوائر الحزب؟
– أي حديث عن وجود “مبارك” داخل الحزب ليس صحيحاً، لأن السيد “الصادق” قال ذلك، ولكن الواقع الحقيقي بموجب دستور حزب (الأمة) من خرج عن الحزب (الأمة) وانشأ حزباً آخر فقد عضويته تلقائياً، وهذا ما حدث للسيد “مبارك” ولم يعد “مبارك” لحزب (الأمة) بالرغم من مما يقوله من إن هنالك قرارات من مؤسسات، لكنه عاد وركل هذا الذي قدم إليه من تسامح، وظل في موقعه القديم فأصبح هو خارج دوائر حزب (الأمة)، منذ أن رفض الالتزام بقرار المؤسسات، وأنا أعتقد أي شخص يقرأ تشكيلة حزب (الأمة) هو عبارة عن تحالف وله جوانبه التكتيكية.
{ كيف تفسر انقلاب الإمام على “محمد أحمد المحجوب”؟
– لو قرأت الكتاب الذي كتبه السيد “محمد أحمد المحجوب” (الديمقراطية في الميزان) تجد أن وجوده داخل الحزب وتحالفه مسألة تكتيكية، وليست إستراتيجية وأهداف حزب (الأمة) التي قام من أجلها كانت لإحياء الدين والدولة، والسيد “المحجوب” كان يهتم بإحياء الدولة، وحينما قامت الدولة تنصل عن انتمائه لكيان الأنصار.
{ وماذا عن انشقاقه على عمه الإمام “الهادي”؟
– الخلاف بين السيد “الصادق” والإمام “الهادي” بالرغم أنه فنده، ولكن كثيراً من الذين عايشوه ،وأنا واحد منهم، وكان منزلنا مسرحاً للصراع ،ووالدي كان جناح الإمام “الهادي” وكنا نسمع ما يقولون، ثم بعد ذلك مع نواب البرلمان قادوا عملاً لتوحيد الحزب ومصالحة السيد “الصادق” بالإمام “الهادي”، لكنها فشلت بفعل انقلاب مايو، ولكنه كان يسعى لإحداث إصلاح ، ونقل حزب (الأمة) من دائرة الأبوية إلى دائرة المؤسسية.
{ لكن ألا ترى، من كل ذلك ، أن رئاسة “الصادق” لم يرث منها حزب (الأمة) إلا التفكك؟
– أنا أريد أن أقول إن السيد “الصادق المهدي” – ربنا يمد في عمره – للسودان وللأمة العربية كما قال الأخوة الآن في الملتقى، الذي تم في “القاهرة” والذي أمه مفكرون مصريون كثر، وتحدثوا عن إسهامات الإمام “الصادق المهدي”، لكن أنا أريد أن أقول إنني كشخص ، ومنذ وقت مبكر ،عايشت الأحداث داخل هذا الكيان، حزب (الأمة) قام على أساس الأبوية، الإمام “عبد الرحمن” هو الذي أخذ البيعة من الأنصار جميعاً ودخل معهم في تحالف مع آخرين رجال إدارة أهلية ومثقفين، وتم إنشاء حزب (الأمة)، وكان مفوضاً من قبل الأنصار، وكان الكيان قائماً على الأبوية حتى الآخرين الذين جاءوا لحزب (الأمة) يشعرون بأن السند الكبير هو الذي يجعلهم يتعاملون معه من منطلق الأخوية، والسيد “عبد الرحمن” أجبر الآخرين على التعامل معه كأب لرعايته لكل المجتمع السوداني. هذه كلها حقائق تظهر إلى أي مدى كان هذا الرجل دوحة استظل بها كل السودانيين.
خلف السيد “عبد الرحمن” ابنه السيد “الصديق” الذي لم يطل بقاؤه ورحل في وقت مبكر. وكان في ظل النظام العسكري، بمعنى بدأ تطوير حزب (الأمة) في عهد السيد “الصديق”.. جاء الإمام “الهادي” رحمه الله وحافظ على هذا الإرث لم يحدث فيه تطور جعله يسير بنفس الخطى التي وضعها له المؤسسون.
{ هل تعني أن أسباب الصراع هو إدخال “الصادق” للتطور في الحزب؟
– “الصادق” جاء بفهم جديد بأن حزب (الأمة) إذا أراد أن يصمد لابد أن يخرج من إطار الأبوية إلى إطار المؤسسات، وظل السيد “الصادق” متمسكاً بهذه القناعات.
{ الصراع سببه الذين تذوقوا طعم السلطة؟
– المنهج الجديد هو سبب الخلاف، ولكن الإمام ظل ممسكاً بهذا النهج الذي جعل أبناء الأنصار وآخرين يلتفون حوله.
– لان الأنصار كانوا عبارة عن مكتب صغير . ولم يدعوا إلى الحزب (إلا في النوائب وعند المغانم لا يذكرون)، ولكن “الصادق” حول هيئة شؤون الأنصار إلى هيئة خرجت من فضاءات “الجزيرة أبا” و”ود نوباوي” إلى الفضاء الإقليمي والدولي، ولها إسهامات وهذه ثمرة نهج “الصادق المهدي”.
{ وهل تمت النقلة في الحزب؟
– الحزب انتقل نقلة كبيرة من الأبوية إلى المؤسسية، ولولا المؤسسات لما جئت أنا من منطقة “عد الغنم” وأصبحت أميناً عاماً لحزب (الأمة)، وهنالك من يريد أن يفرض وصايا على الناس، ولكن الإمام “الصادق” رفض ذلك وظل يدعو إلى المؤسسة، وأنا علاقتي المباشرة معه عمرها خمسين عاماً . وليس كل غرس يحصد قريباً، ثانياً الآن حزب (الأمة) أنا أتحدى أي مؤسسة دينية أو سياسية في السودان لها رصيد فكري تتحيا به وتعيش ولا ينضب، ونحن نستطيع أن نتقدم خمسة عقود قادمة، صحيح أن الإمام مكث طويلاً في قيادة الحزب، ولكنه كان ثمره حلو المذاق.
{ ولكن ذات المؤسسات التي كونها الإمام “الصادق” شهدت انقسامات.. وخاصة فترة توليك للأمانة العامة شهدت انقسامات كبيرة ،منها مجموعة “إبراهيم الأمين” و”الدومة” وحدثت إضافات في المؤتمر العام؟
– أنا أريد أن أوضح لك حقائق أولها أن الإمام “الصادق” كان ضحية لممارساتنا، ثانياً الشخصان اللذان ذكرتهما مع احترامي لهما وهما زملاء وقيادات بالحزب، ولكن للحقيقة هما اللذان خاضا الانتخابات الديمقراطية وأمنا على زيادة العضوية وصنعاها، ولدينا ما يثبت ذلك أنهما طلبا الزيادة واستفادا منها ولولاها لكانت هزيمتهما نكراء ومرة باعترافهما، وهما من رفضا نتائج الديمقراطية التي كانا يتشدقان بها لسبب واحد لأنهما يفتكران أن تولي قيادة الحزب ستكون لمن تبوأ مواقع داخلية في الحزب وليس الذي يأتي من القواعد.
{ وهل أنت أتت بك القواعد أم الإمام؟
– صحيح أنا لم أشغل موقعاً تنظيمياً قيادياً في الحزب، ولم أكن وزيراً ولكن عرفتني جماهير حزب (الأمة) التي انتخبتني، ولم يكن الحزب صفوياً ولا تتم فيه التعيينات بالمؤهلات الأكاديمية، وهما دخلا وظنا أنني سأكون من المهزومين، ولكنهما لم يكونا يعرفان تواصلي مع القواعد فكانت صدمتهما كبيرة، ولذلك كونا مواقفهما التي لا يسندها منطق وأصبحت مواقفهما انتصارات شخصية ليس إلا، ونتيجة الحدث هو جاء كرد فعل لانهزام داخلي وخارجي، ولما توليت الأمانة العامة أصررت على ضرورة انعقاد الهيئة المركزية، وعندما أُسقط خطابي ذهبت، لم أعمل زوبعة على الرغم من أنني أمتلك كثيراً من الأشياء بها حُجة، ولكننا نريد أن نؤسس للديمقراطية، وجاء “إبراهيم الأمين” للمرة الثانية، وكرر نفس المشهد وهو أمين عام لم يستطع الصمود أمام الزحف الجماهيري الذي جاء لمحاسبته، فهربا من مسرح الأحداث هو وسابقه يعانيان من خلل بنيوي.
{ الصراع بين “مبارك” والإمام هو حول وراثة الحزب الذي تتحدث عنه أم صراع آل البيت؟
– التوريث في اعتقادي أن أي شخص يمسك من لسانه وأفعاله، وأنا قريب جداً من مركز صناعة القرار ولي معرفة بأدق التفاصيل داخل الحزب، لم أشعر على إطلاق أن “الصادق المهدي” يسعى لتوريث أبنائه، ومن يدعي ذلك يريد التشويش فقط، لان الإمام يؤسس للخلافة التي تجعل القواعد هي التي تختار من يخلف القائد السابق، والدليل على ذلك أن “الصادق” لم يعين شخصاً من أبنائه في الحزب، كلهم جاءت بهم القواعد ما عدا دكتورة “مريم” التي جاءت حسب دستور الحزب الذي يمنح الرئيس حق تعيين مساعديه ومستشاريه، وللأمانة هو أخضع الأمر للشورى وتباينت الآراء بين رافض ومؤيد، ولكنه استخدم الشورى كما في قوله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) وذلك لا يقدح فيه أحد، ولذلك مسألة التوريث اتهام باطل وجائر في حق الرجل، أنا أشهد وأُشهد الآخرين وأشهد الله أن الرجل يؤسس لخلافة وليس وراثة، وهذه الخلافة مفتوحة لكل من تقلد بقلائد الدين ولانت له قلوب المسلمين فليتقدم الصفوف.
{ الملتقى التحضيري الذي يرفضه المؤتمر الوطني.. ماذا أنت قائل عنه؟
– الملتقى قائم على مرجعيتين أساسيتين، الأولى (إعلان باريس) و(اتفاق أديس أبابا) ،الذي غيَّر مفهوم (الجبهة الثورية) من إسقاط النظام إلى تغيير النظام، ومن نبذ العنف إلى وقف إطلاق النار والوسائل السلمية والحوار.
(اتفاقية أديس أبابا) وقعها ممثلون للحكومة وآلية 7+7 و”أمبيكي” ممثل للاتحاد الأفريقي، والهدف الأساسي هو تجسير العلاقة بين الحكومة والحركات المسلحة، والوطني تحفَّظ على مشاركة بعض الأحزاب، وشخصياً أرى أن موقف “أمبيكي” المبني على قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي 539 ينبغي أن يلتف حوله الناس حتى لا تتأثر خطى الحوار ،الذي نتطلع إليه، أي شخص يحاول يفرض رأيه سواء (الوطني) أو (الجبهة الثورية) أو (قوى الإجماع) يعتبر معطلاً ومعوقاً للسلام ولا يريد مصلحة الوطن، وما يقدمه “أمبيكى” مفترض أن نتفق عليه و(نبطل الجعجعة وشخصنة الأمور).
{ هل بينكم اتصال وآلية 7+7 للحوار الوطني؟
– ليس بيننا وبينهم إلا السلام والكلام الطيب بعيداً عن السياسة ومسألة الحوار شأنهم ولا دخل لنا بها.
{ خلال الخمسين عاماً انحسر المد الجماهيري للحزب للدرجة التي جعلت الحزب ينقل ندوة من (حوش الخليفة) إلى دار (الأمة) خوفاً من كشف ظهره؟
– ندوة أكتوبر الفكرة كانت قيام الندوة داخل الدار .وهذا قرار الحزب، وبعض الإخوة من قوى المعارضة طلبوا أن تقوم الندوة في (ميدان ود البشير)، ولكن لأسباب موضوعية الحكومة قالت إن المكان غير مناسب، وأنا رأيي كذلك لان الكبري ضيق المساحة، وفي نفس الوقت أعلنت قوى سياسية أخرى ندوة قريبة من الموقع فأصبحت المسألة نيلاً من الحزب والقضية كبيرة ووطنية. وسبق أن حشدنا في (حوش الخليفة) جماهير ملأت العين حتى تدفقت.
{ خلال الخمسين عاماً خرجت قيادات مؤثرة من الحزب لها وزنها السياسي؟
– الحزب لم يتأثر بخروج “أحمد بابكر” و”مسار” اللذين لم يترشحا في انتخابات جماهيرية، وحزب (الأمة) هذا العرين ظل عصياً على كل الذين خرجوا منه وفوزهم كان في عهد الإنقاذ، ولكن نعترف بأن “أحمد بابكر نهار” له تأثير كبير كسبه من إرث والده.