مسألة مستعجلة
زيارات فوق العادة
نجل الدين ادم
لم أنسَ تلك الزيارات النادرة والمهمة التي رافقنا فيها وفد وزارة الداخلية في نهايات العام 2003 إلى ولايات دارفور الثلاث وقتها برئاسة نائب مدير عام الشرطة الفريق “سيد الحسين عثمان”، لتفقد القوات المنتشرة بعد أن هدأ الإقليم قليلاً وذلك بهدف رفع المعنويات. تلك الزيارات التي شملت مدن وقرى ومواقع نائية في الإقليم أدت مفعولها وزيادة، وهي ترفع معنويات القوات المرابطة هناك وكذلك المواطنين الذين التقيناهم. الزيارة كانت جواز مرور مهم طمأن المواطنين على العودة، وأذكر تلك الزيارة التي قمنا بها إلى منطقة كايليك بولاية جنوب دارفور وقد وجدانها خراباً أمضينا أكثر من ثلث ساعة ولم نشهد بشراً سوى المنتشرين من القوات المشتركة من الشرطة والدفاع الشعبي، وهي تحرس المنطقة في انتظار عودة الناس، بعدها لحظنا راعياً وهو يسرح بثلاث غنمايات أظنها وما أن رأى وفدنا الذي انضم إليه الوالي الأسبق “الحاج عطا المنان”، إلا وجاء نحونا فحدثنا عن المنطقة وأشواق الناس وذكر أن جميع أهله يخشون من العودة، الفريق “سيد الحسين” حدثه ماذا رأيت أنت هنا الآن، فقال الشرطة والجيش، فقال له إذن الوضع آمن والسلام حل ولا تمرد يستطيع أن يعود مرة أخرى. وعلى إثر ذلك ذهب صاحبنا الراعي وعلمت فيما بعد أن هذا الحوار وتلك الزيارة كانت فاتحة لعودة الأهالي إلى قراهم وبدأت عمليات التنمية والإعمار. ما أشرت إليه من وقائع ذكرني بالزيارة المهمة التي قام بها نائب رئيس الجمهورية الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن” الأسبوع الماضي إلى ولاية شمال دارفور، هي أيضاً كانت بمثابة زيارة رفع المعنويات، كيف لا والنائب استطاع أن ينجز زيارات لعدد ثمان محليات، فحجم مشقتها وكلفتها كان عائدها على المواطنين برداً وسلاماً، وعدد من تلك المحليات لم يزرها مسؤول رفيع من المركز منذ أعوام خلت.
من ميزات الزيارة التي تابعتها أنها خلقت شكلاً من الحميمية ما بين المواطنين والمسؤول، كان فيها حديث القلب للقلب، تحدث نائب الرئيس بما يريد وتحدثوا هم بما يريدون، فالتقوا عن نقطة أن خيراً كثيراً سيأتي بعد هذه الزيارة المهمة. زار “حسبو” مدينة الطينة الحدودية التي كانت صعبة الوصول إلا للقوات المسلحة، تحدث مع أهلها ورأوا مسؤول الرئاسة رأي العين فكان حديثا بليغاً، والمنطقة تعاني نقص الخدمات فوعدهم خيراً واستبشروا هم خيراً. زار نائب الرئيس منطقة المالحة وحدث أهلها والتقى ملك الميدوب وزار بذات القدر محليات أمبرو وكرونوي، أم كدادة، الكوثر، السريف وكبكابية، والتقى أيضاً أهلها فحدثهم وحدثوه.
فكرة زيارة المسؤولين من الوزن الثقيل لمثل هذه المناطق تحقق مكاسب مزدوجة فهي تمنح الأمل والطمأنينة لأولئك الذين هجروا قراهم قسراً، بأن المركز مهموم ومشغول بأمرهم، وكذلك تحدث الجميع بأن السلام يعم كل الإقليم، هنيئاً لأهالي شمال دارفور وحكومة الولاية، والعاقبة عند الولايات الأخرى ومزيداً من الزيارات.