بخيت وسعيد
لست عالماً لأفتي؛ ولست متفقهاً لأحدد معايرة بأي تقدير لحرمة أو (لا) حرمة الاحتفالات، فبعد بعض الآراء من الجماعات الدينية البعض يحرم حتى الاحتفال بالاستقلال؛ رغم من رفع العلم هو “الأزهري” برفقة “المحجوب” وآخرين من ضمنهم عسكري برداء الجيش لا يتوقف عنده أحد ! ولكن أقول قياساً على ما شهدت من نشاط وحراك للأسر ومجاميع الشباب وحالة الفرح كيفما كان فإنه أمر جيد؛ من رغب نزل إلى الطرقات ومن أراد غشي حديقة ومن سنحت له فرصة التحق بصالة حفل؛ وطائفة أهمتها أنفسهم لزموا المنازل آمنين في سربهم، اكتفوا من الليلة المجيدة بالتقاط الضجيج ولزوم شاشات التلفزة؛ وبعضهم نام على قاعدة (شهراً ما عندك فيه نفقة) لا تعد لحظاته وليس أيامه؛ إحساس الناس بالمناسبة كل حسب رؤيته يخضع لقياس خاص لا يجب مصادرته لكني لمست مشتركاً واحداً تمثل في شعور حقيقي بأن يكون (بكرة أحلى)؛ وهذا في حد ذاته إحساس جميل .. فلا تضيقوا عريضاً وليس واسعاً.
شكل يوحي بالتفاؤل والبشر شهدناه في الطرقات والساحات وزوايا الطريق؛ حالة من الانضباط العام والسلام؛ كانت الخرطوم ربما العاصمة الوحيدة التي كان الأمن فيها مشاعاً في نفوس الناس؛ لم تحتاج السلطات لإعمال التفتيش الشخصي أو بكاشفات المتفجرات حتى في الأماكن المغلقة. وقد شهدنا في عواصم قريبة كيف أن الدخول لتناول وجبة بمطعم عام في قلب المدن يتطلب خضوعك لتفتيش الحراس عند الباب، وهذه نعمة تستحق الشكر فمواطننا مسالم في بلد للسلام وكفى.
أعجبني والله انتشار الأعلام السودانية فوق هامات الحاضرين على مركباتهم وفوق أيديهم؛ من كل الأجيال والأعمار؛ السحنات والطوائف كلهم احتفوا بالعلم وجعلوه شريكاً في يوم وليلة فرحهم باستقبال العام الجديد والاحتفاء بالاستقلال، وهي ظاهرة تمددت في السنوات الأخيرة واتسعت ولها دلالاتها العظيمة، فالأمر رسالة تستحق الفحص والتقييم وشكل تعبير أجمل ما فيه وأروعه أنه يتم بشكل عفوي وبلا مناشدات.
كانت الشرطة السودانية هي الجندي المجهول ليلة العيد؛ بذلت جهوداً تستحق الشكر في التنظيم والترتيب والمتابعة ؛ انتشرت وحضرت بهدوء حفظت النظام بروح مدنية عالية الحرص؛ أفرع المباحث والمرور والشرطة الأمنية وآخرون لا نعرفهم حضروا ولم يضطروا للتدخل، لأن الجميع كانوا قمة في المسئولية والحرص. وقد حمدت للسلطات تيسرها في السماح باستمرار الأنس والاحتفالات حتى ساعات الفجر الأولى، وهذا توجه جيد ومفيد أخرج الأمر برمته في شكل أكثر من رائع.
بصراحة سعدت بأجواء رأس السنة وأعياد الاستقلال؛ فرح هذا الشعب وحق له ذلك؛ حفظه الله وحفظ هذه البلاد الآمنة وجعل عامها الجديد سعيداً وبخيتاً.