رأي

مسألة مستعجلة

 يستحق التكريم في ذكرى الاستقلال
نجل الدين ادم
في كل عام وفي مثل هذه الأيام نفكر في إعداد ملف خاص بذكرى الاستقلال المجيد وتبدأ رحلة النحت في الذاكرة والتنقيب في شخصيات كان لها إسهام كبير ودور بارز في مسيرة حصول السودان على استقلاله من دولتي الحكم الثنائي، والحكومة تقوم في كل عام بالاحتفال بالذكرى وتحرص على تكريم كل من كان له سهم في هذا التحول الكبير في تاريخ البلد وتمنحه الأنواط، وقد أفلحت في تكريم الكثيرين من ذلك الجيل العظيم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وهؤلاء قلة قليلة لا تحسب بأصابع اليد.
 سعدت في هذا العام بلقاء شخصية مهمة من أولئك الأبطال وهو يتوارى بعيداً عن الأضواء رغم أنه من صناع الاستقلال الحقيقيين منذ بدء حركات التحرر، مروراً بتكوين نادي الخريجين صاحب القدح المعلى في حصول السودانيين على استقلالهم. التقيت وزميلي “عامر باشاب” برجل ظلمه الإعلام وظلمته الحقب المختلفة التي لم تذكره أو تخرج سيرته العطرة للأجيال الجديدة، ولم يحظَ بأي تكريم رغم أدواره المتعاظمة ورغم أنه يكبر معظم الذين تم تكريمهم عمراً ومنزلة، إنه الأستاذ المربي “سر الختم حسن غرباوي” أحد مؤسسي نادي الخريجين ومراقب برلمان الاستقلال وكاتم أسراره، وأول من تقلدوا المناصب في السلك الدبلوماسي حيث عمل قنصلاً بدولة مصر الشقيقة عقب الاستقلال مباشرة، بجانب عمله وكيلاً لإحدى الوزارات.  التقينا عمنا “سر الختم” في حوار شيق حكى لنا فيه تفاصيل دقيقة تذكر لأول مرة عن إرهصات الاستقلال ومناهضة الخريجين له، وحتى عملية الجلاء وكيف تم ذلك. حوار لا أريد أن أفسده على القارئ قبل نشره بمناسبة الذكرى.
ضيفنا ما شاء الله يحمل ذاكرة متقدة يحدثك عن عام 1936 كأنما يحدثك عن اليوم يحفظ من المواقف التاريخية التي تستحق أن تدون في دار الوثائق، وهو الشخص الذي يراقب مداولات نواب برلمان الاستقلال، فهو أيضاً شخصية سياسية معروفة بدورها البارز في عملية التحول الديمقراطي.
كم تمنيت أن تكون الذخيرة المعرفية التي يحملها ضيفنا مدونة في كتب تاريخ هذا البلد، فقد كان من القليلين الذين تلقوا قسطاً وافراً من التعليم وهو ما يزال يتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة بلسان أهلها ما شاء الله حتى اليوم. لك التحية عمنا بل جدنا “السر غرباوي” في مثل هذه الأيام الخالدة وأنت تنعش ذاكرتك وتخرج لنا درراً من التاريخ. فقد أعطيت هذا البلد وما بخلت أبداً، كنت نوراً يضئ حتى تم الاستقلال وحملت راية السودنة وأنت تجول في الوزارات والمؤسسات تنشر علم الإدارة والنظام، فلم تقف عند ما قدمته إنابة عن ذلك الجيل الفريد، بل عملت على تعليم ذريتك فصاروا يقدمون بما تقلوا من علم دوراً وطنياً موازياً لما قمت به في دروب الحياة المختلفة، وهم ينتشرون في حقول العمل المختلفة خدمة للبلد.
وأيام قليلة تفصلنا من احتفال ذكرى الاستقلال أتمنى أن يكون عمنا “السر” على رأس قائمة المكرمين في احتفالات هذا العام، وأرجو أن ينتبه القائمون على أمر الاحتفال لأمثال عمنا “السر” أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية. وكم سعدت وأنا أجلس إلى جانبه في حوار ذكرى الاستقلال وكل عام والجميع بألف خير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية