من وحي الأخبار

الضمير


لم يعد من شك عندي أن بعض ملامح أزمتنا أزمة ضمير. الإشكال أعمق من أن يسقط على حكومة أياً كانت أو نظام؛ صدقوني بقيت الإنقاذ أم ذهبت ستظل بعض الأزمات والإشكالات قائمة.. ثمة ملاحظة اسمها الجشع والأنانية؛ بعض الناس وقد يكونون من عوام الشعب وليس بالضرورة وزراء أو ساسة يضرون ويدمرون ويصنعون الشقاء مقابل كسب نقد أو اكتناز مال.
أزمة غاز الطبخ التي تدخل أسبوعها الثاني رغم استئناف مصفاة الخرطوم التشغيل؛ وصحيح أن بعض المشكل قد يكون سببه عوائق تنسيق أو متابعة أو حتى اتساع نطاق الطلب لكن ما بعد ذلك كان سببه مافيا السوق السوداء وتجار البيع بالسعر المتضاعف؛ بعض التجار يقسمون إنه لا يوجد لديهم غاز ولكن وبعد أن ينهي قسمه أن عرض الزبون سعراً مغرياً فإن السلعة تحضر! وعلى هذا قس أمثلة كثيرة لا تعد أو تحصى وتتكرر في كل الأزمات من الدقيق للسكر إلى الغاز وسعر الصرف حيث تجارة النقد الأجنبي.
ليس مهما أن يكون للحكومة (ضمير)، لكن الأهم أن نحيي نحن معشر الشعب والجماهير ضمائرنا بحيث يكون الصحيح صحيحاً والحق حقاً؛ يجب أن نتحلى بالصرامة تجاه أي مضر وساعٍ بالتكسب بتلك الطريقة لأننا وإن لم نفعل فإن أي جهود تبذل من الدولة ستنتهي لإقامة طبقة من المتكسبين بالأزمات؛ ممن لا ضمير لهم أو ذمة؛ الذين أهمتهم أنفسهم فاكتنزوا لها الدولار والغاز والدقيق.
قناعتي الخاصة أن هذه البلاد تحوي خيراً وفيراً ويملك اقتصادها تحقيق الكفاية للناس، لكن العسر الذي نراه سببه مثل الذي ذكرت، أننا سادتي وبكل الصراحة والوضوح نعيش واقع عدم الانتماء إلا للمصلحة الذاتية؛ مرحلة شعارها (نفسي.. نفسي) وهي حالة ما أن فشت في قوم وبلد إلا وأسلمته للهلاك والضغائن.
إن استيقظت الضمائر وهدأ هلع البعض عن كسب الدنيا لاستقام كثير من أمرنا؛ والأمر بصورته هذه يحتاج بكل أمانة لمراجعات عميقة؛ تربوية وسلوكية وتحتاج مع هذا أيضاً لتفعيل تدخل السلطان الذي يزع بما لا يزع به الرجاء والتنبيه؛ يجب أن يؤخذ أي تاجر وسمسار مدمر بالقوة والحزم وأن لم تكن بعد السلطات تعرف فلتعرف أن مصفاة الخرطوم تنتج وتوزع لكن من يبيع هم بعض أصحاب الضمائر الميتة الذي يمتصون دم المواطن وعافيته بأسعار أخرى غير رسمية، وكذا الحال في الدقيق وسلع أخرى؛ ولهذا سنظل نخرج من أزمة لنقع في أخرى.
الطريف في هذا الأمر أن السلطات تعلم و… فايت أضانها!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية