رأي

آخر ما غنى "خليل" و"زيدان"

تجانى حاج موسى

إذا الخاطر سرح عنك..
مؤكد إنو راح ليك
وهوَّم في رُبى الأحلام
قريب منك
سقت غيماتو واديك..
وإذا خليتني في ظنك
بتلقى الروح تهيم بيك
وقيمة عمري بتبدا
لو أنك رضيت أحرس
مرافيك..
وأمتع نظري بي محياك
هي بتشبع عيون فيك..
**
يا المخلوق بي لون الطيف
أوصف فيك؟!
أوصف كيف؟!
يا الحيرت أوصافي..
يا السر العميق خافي
بحر ما طالتو مرافئ
وأبلغ من وصف شاعر
عشان تتختَ في قوافي
ومنك تبتدي الريدة
وبعدك ريدة – جَّد – مافي..
دي آخر أغنية غناها صديقي الفنان الراحل “زيدان إبراهيم”، وكانت هي اللقاء الأول مع صديقي الملحن الراحل “سليمان أبو داؤود” و”زيدان”.. أكتب هذا المقال عقب سؤال زميلي وابني مصمم صحيفتنا (المجهر) وسؤاله لي عملتها كيف يا أستاذ؟، عملتها كده!! والسؤال يطرحه العديد من المتلقين للأغنيات التي يحبونها.. وبرغم أن فضولهم يتجاوز العام إلى الخاص، إلا أنه يؤكد أن للغناء شأناً عظيماً لدى متلقيه.. طيب الحكاية أن أحد الأبناء الذين كانوا يعملون معي بـ(الهيئة القومية للثقافة والفنون) كانت له علاقة عاطفية بزميلة له، وكنت أرقب تلك العلاقة وأتمنى أن تتوج بالنهاية السعيدة “وقد حدث ذلك”.. يا أستاذ أمس سرحت بعيد وأنا كنت مع فلانة وعاتبتني عتاباً مُراً.. يازول إنت سارح وين وأنا قاعدة معاك؟! وطلب مني أن أكتب أغنية في هذا الموضوع، فراقت لي الفكرة ونظمت (إذا الخاطر سرح عنك)، وهذا يؤكد أن مهمة الشاعر أن يعبر عن الآخرين، ويمكن أن ينوب عنهم في تجسيد مشاعرهم بقدرة فائقة، وهنا يأتي سر التعليق من قبل المتلقين لبعض الأغنيات التي تجد صدى في أعماقهم، وكثير من المحبين الذين سطروا لمن يحبون مقاطع من الغناء تفصح عن مشاعرهم.
“زيدان” – رحمه الله – كان سعيداً بتلك الأغنية، وحدثني أنه يغنيها أكثر من مرة في حفل واحد، وأنها الأغنية الوحيدة التي غنى فيها إيقاع الدلوكة (العرضة) في الجزء الذي يقول: يا المخلوق بي لون الطيف.. أوصف فيك، أوصف كيف؟.. بل هو اللحن الوحيد الذي غناه لملحن هو معجب به المرحوم “سليمان أبو داؤود”، وهنالك ثلاثة ألحان له لم يؤدها “زيدان” لرحيله.
أما صديقي فنان الفنانين المرحوم “خليل إسماعيل” فقد (بحلق) في حسناء للدرجة التي أغضبتها نظرته، وحكى لي أنه اعتذر للتي بحلق فيها مشدوهاً بجمالها، قالت له: ما بقبل اعتذارك إلا بأغنية!! وبرغم أنه شاعر مجيد.. نظم رائعته (لو شفت مرة جبل مرة)، إلا أنه حكى لي حكايته وطلب مني نظم أغنية، فجلسنا ونظمت له آخر أغنية لحنها وسجلها في ألبومه الأخير قبيل رحيله يرحمه الله.
أعذريني..
لو عيوني..
غصب عني..
وقفو في عيونك شوية
وسامحيني..
لو مشاعري..
فاتو مني..
وغازلوكي بي حُسن نية..
عارفة لما تفوتي تمشي تودعيني..
تاني ترجع ليَّ سنيني..
وأصحى تاني..
وأبدأ من أول أعاني..
شان تجيني..
وتنقذيني..
يا خلاصي..
يا يقيني
خلصيني
أصلي غرقان في الأسية
وأعذريني..
لو عيوني..
وقفو في عيونك شوية
وقُبل اعتذاره، وهنالك العديد من كتبوا الأغنية معتذرين.. ويغني المغني وكل واحد على هواهو..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية