رأي

بكل الوضوح

الفساد أصبح قناع
عامر باشاب
 
{ حديث وزير العدل الأسبق الأستاذ “عبد الباسط سبدرات” في جلسة البرلمان أمس الأول وقوله (إن الفساد صار كالخبز في أفواه الناس يثيرونه ولا يرون محاسبة)، جاء متوافقاً مع قصيدة بعث لي بها الشاعر الرقم سليم الذوق وصاحب الإحساس المرهف “إبراهيم الرشيد”  بعنوان (الفساد أصبح قناع) عبر فيها عن الحال والأحوال في زمن الفساد الذي استشرى وتفشى في كل المجتمعات والقطاعات.. والقصيدة تقول:
الفساد أصبح قناع كل يوم زايد مناع
ما في زول يفتح خشيمو غير يقول سمعاً وطاع
شكوة غير لله مذلة والفرح ما جانا طلَ
ناس بتأكل فول مدمس وناس جعانة وكافية حلة
الجرايد صوتها بح والسطور مسكاها قحة
ما في راجل دقَّ صدره ومن مكانو قام وزحَ
الرجال أبواتنا ماتوا والبقية الباقية فاتوا
حواء السودان محال تلدي زول نايرات صفاتو
(كل عام ترذلون) كلمة قالها المصطفى
ومن دموع تماسيحكم كفى
 ولو مسكتوا طريق نبيكم ما في بس شيتاً بيجيكم
ولو نصرتوا المولى مرة يمكن يرضى يحن عليكم
{ وضوح أخير
{ حقاً بعد أن كنا في أزمان سابقة نسمع عن قصص الفساد ونتابعها باستغراب عبر الدراما المصرية الآن ظللنا وبصور يومية نعايش قصص وحكايات واقعية للفساد وروائحه المنتنة التي وصلت درجة مزعجة تعبر عن مظاهر المحنة، حيث لم يبقِ شبر في بلادنا إلا دخله الفساد (فساد مالي وإدراري وسياسي وعلمي وإبداعي ورياضي وأخلاقي).. وكما ذكرنا من قبل طفح الفساد بهذه الكثافة ينبئ عن خطر حقيقي.
{ حقاً إلى متى نظل نسمع عن جرائم وقضايا فساد ولا نسمع عن محاسبة أو محاكمة المفسدين في الأرض؟ وقبل المحاكمات والمحاسبة نتمنى أن نسمع عن استقالة (الوالي الفلاني أو الوزير الفرتكاني أو المدير العلاني) بسبب وجود شبهات فساد حول مدير مكتبه أو حتى في المكاتب المجاورة.. لأن المسؤول أو القيادي الذي  يفشل في اختيار معاونيه عليه الاعتراف عبر الاستقالة بأنه غير جدير بالبقاء على الكرسي الدوار.
أما إذا فسد المسؤول الأول نفسه فيجب أن تكون محاكمته على ملأ من الناس حتى يكون عبرة لمن يأتي تحته في سلم المسؤولية.
{ من أقسى أنواع الفساد أن لا نعطي أمثال “إبراهيم الرشيد” حقه في الاحتفاء والتكريم الرسمي والشعبي وفاءً لما ظل يتحفنا به عبر مفردات شعرية حريرية وروائع غنائية جاءت مبرأة من كل عيب، من شاكلة (سليم الذوق) التي أبدع في تقديمها الفنان الإمبراطور “محمد وردي”، و(يا زمن وقف شوية) التي أجادها الفنان الذري “إبراهيم عوض”، وساهموا جميعاً عبرها وعبر غيرها من الروائع المدهشة في تشيكل وجدان أمة الأمجاد التي عاشت أزماناً جميلة بعيداً عن شبح  الفساد والمفسدين.
{ يا زمن وقف شوية
يا زمن ارحم شوية
واهدي لي لحظات هنية
وبعدها شيل باقي عمري
وشيل شبابي.. شيل عينيا

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية