من وحي الأخبار

النصح

ركزت بالأمس على كلمة المشير “البشير” أمام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الفكر السنوي للمؤتمر الوطني، الذي نظمه قطاع الفكر والثقافة وشؤون المجتمع تحت شعار: (تحديات المجتمع في ظل المتغيرات المعاصرة)، بحضور قيادات الحزب والدولة والمهتمين من العلماء والمفكرين وأهل الثقافة من داخل السودان وخارجه وأعضاء السلك الدبلوماسي بالخرطوم.. قدرت كثيراً إعلان الرئيس تمسك الدولة والحزب بنهج الشورى وأخذ الرأي، وقوله إن قيام هذا المؤتمر للفكر وانطلاق مؤتمر الحوار الوطني منذ أكثر من شهرين يأتي دليلاً على الاهتمام بالفكر وأهله من أجل النفاذ إلى مواطن الخلل، مؤكداً الحاجة إلى كلمة صادعة تختصر الطريق وإلى رأي أبلج يضع الأمور في نصابها.
فكرة المؤتمر نفسها- وقبل أن ندلف لما قال الرئيس- تبدو لي تطوراً إيجابياً في مناشط الحزب الحاكم وتوجه ظل غائباً ومهملاً لفترة طويلة، فالإسلاميون عرفوا عبر تاريخهم باهتمامهم وسبقهم في مقامات الفكر والتنوير، لذا يكون رائعاً أن نرى هذا الحشد الكبير من المثقفين والمفكرين في ساحات الخرطوم ومنابرها، من الضيوف الأجانب أو أبناء الوطن من أصحاب الإسهامات الإنسانية الكبيرة، تلاقح مثل هذه الأفكار يضخ في الحياة الثقافية والسياسية أجواء صحية، ويعزز فرص الاستفادة ويدعم الأدوار الأخرى للعمل الحزبي الذي يجب ألا ينحصر في محض كمية من الاجتماعات والبيانات والظهور الموسمي في مواقيت الانتخابات أو الأزمات خاصة في مثل هذه الظروف التي يجب أن تكون للأحزاب فيها أدوار أكبر من مجرد حيز الممارسة السياسية الضيق.
وأما كلمة رئيس المؤتمر الوطني، فقد كانت وافية وإن استوقفني فيها تكراره وتشديده وتمسكه، مثل كل المناسبات التي ظهر فيهاً مؤخراً، بتمهيد الطريق لممارسة الشفافية، والعمل دوماً على تطوير مفاهيم النصح والإرشاد نحو النهوض بكامل المسؤولية الجماعية التي تجعل لكل صاحب منصب ومقام طريقاً لإنارة المسار.. كانت هذه توجيهات سيادته في أكثر من مناسبة وحدث، فإن كان هناك قصور وتقصير في هذا الحق فإنه ليس مسؤولية “البشير” لكن ذنب بعض الذين يظنون أن المرء منهم ينجح ويصعد ويتقدم للأمام كلما كان ساكتاً وصامتاً وملتزماً جانب الحائط، هذا لن يسلم التجربة السياسية للحزب الحاكم أو عموم تجربة وبيان السلطة إلا للارتباك والضعف، وأظن أن الرئيس “البشير” قائد قوي ويتشرف بحزب قوي ومساعدين أقوياء، لذا فإنه في كل مجلس ومقام يحرص على أن يكون صريحاً ومباشراً وشفافاً.
عموماً، فإن المؤتمر الوطني يمضي بمثل هذه المباشرة في الخطاب إلى استدراكات صحيحة ومفيدة، لكنها تحتاج لأن تكون هماً جماعياً ينهض إليها في كل مقاماته برؤية واحدة وحماس متصل، فإن كان رئيس الحزب نفسه يتمتع بهذه الرؤية العميقة فما بال الآخرين يجرون هذا الكيان للخلف؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية