"علي محمود حسنين" في حوار مع (المجهر) على نار ليست هادئة
دستور الحزب الاتحادي الذي قدم لمسجل الأحزاب (مزور)
“الميرغني” لم ينطق بكلمة واحدة منذ ثلاث سنوات.. وعلى هؤلاء احترام صمته..
لا خلاف لي مع “الحسن الميرغني”.. والمؤتمر الوطني يريد (أراجوزات)..
* الحزب أخذته قيادته إلى الهاوية وأصبح يصالح الأنظمة الشمولية
حوار: محمد إبراهيم الحاج
يمور الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بمتغيرات جوهرية ربما تؤثر بشدة على مستقبل كثير من قادته الذين يعتقد البعض أنهم الآن يعيشون في مرحلة مفصلية.. مرحلة ربما تكتب تاريخاً جديداً في حزب الحركة الاتحادية، ففي وقت يعتبر فيه مراقبون أن المؤتمر الذي عقدته قيادات اتحادية في ضاحية أم دوم بـشرق النيل ، قد يكون سبباً في إحداث تغييرات جوهرية في قيادات الحزب، يرى آخرون أن الثقل الجماهيري الذي يمثله مولانا “محمد عثمان الميرغني” يمكن أن يحسم الأمر لصالحه، ورغم ذلك تظل قيادات مؤثرة في الحركة الاتحادية لها اسمها ووزنها وثقلها مثل الشيخ “أبو سبيب” و”علي محمود حسنين” من القادرين على إحداث حراك قوي في اتجاه ما اصطلح على تسميته بالانقلاب ضد قيادة الحزب التاريخية.
(المجهر) حاورت “علي محمود حسنين” من مقر إقامته بالعاصمة البريطانية “لندن” ، حول مؤتمر أم دوم وكثير من الشأن الاتحادي.
*بداية نود أن تطلعنا على الأسباب التي جعلتكم تقيمون مؤتمر أم دوم في الخامس من ديسمبر وتكونون هيئة قيادية موازية للقائمة في الحزب الاتحادي الأصل؟
– كان وسيظل الحزب الاتحادي هو حزب الحركة الوطنية ويلتزم بالخط الجماهيري والنضالي، وكان هذا سمت الحزب الأساسية منذ تكوينه في عام (1942)، وظل هذا الخط يميزه في كل تخلقاته ولكن لعل الجميع لاحظ في الآونة الأخيرة خروجاً على المبدأ الأصولي الثابت، فالحزب أخذته قيادته إلى الهاوية وأصبح يصالح الأنظمة الشمولية ويؤيدها، بل يشارك فيها ويتحمل معها أخطاءها، وهو أمر مرفوض لكل قواعد وجماهير الحزب.
*متى برأيك بدأ ما اسميته بالانهيار داخل الحزب؟
– بدأ هذا الانهيار التام بعد انتخابات (2010)، حيث شارك فيها بمخالفة واضحة لإرادة جماهير الحزب وبعد نتيجة الانتخابات التي أجمع الجميع على أنها كانت مزورة، أعلن رئيس الحزب نفسه أنه لن يعترف بها ولا بنتائجها، ولكنه سرعان ما عاد واعترف بها وبنتائجها، بدليل أنه شارك في السلطة بوزراء يمثلونه وظل هذا السقوط يتوالى حتى اليوم بمشاركة ثانية، أفضت إلى تأييد مطلق وغير متحفظ على نظام الحكم القائم ببرامجه ورموزه ، وهذا الأمر لا يخالف طبيعة الحزب، بل يتعارض تماماً مع دستوره.
*كيف؟
– دستور الحزب الذي صدر في عام (2004) في آخر مؤتمر له، وفي نص المادة (3) (و) ينص صراحة على الزام كل عضوية الحزب الاتحادي على رفض أي نظام شمولي ،عسكرياً كان أم مدنياً، ولم يكتفِ النص بالرفض، بل ألزم عضوية الحزب على مقاومته بكل صلابة وجسارة وتصميم، ومعنى ذلك أن عضوية الحزب عليها أن تحارب النظام القائم، وقيادة الحزب الموجودة لم تكتفِ برفض النظام، بل ذهبت إلى تأييده، ولم تكتفِ بذلك، بل شاركته لتصبح جزءاً منه في كل مؤسساته من الرئاسة وحتى الولايات والمحليات، وهذا خروج واضح ومتعمد على دستور الحزب الاتحادي، ومن يخرج على دستور الحزب يكون تلقائياً قد خرج على الحزب نفسه، لأن ما يربط عضوية الحزب في كيان واحد هو أولاً الدستور، وثانياً الإرث النضالي الذي امتد عبر كل تخلقات الحزب المختلفة، بل إن الحزب الاتحادي الديمقراطي..أكرر الديمقراطي عليه أن يلجأ للقواعد التي ترفض كلها هذا النظام وتعاديه، وبالتالي فإن القيادة أيضاً قد خرجت على العضوية، بجانب هذا فإن الحزب عند تسجيله لدى مسجل الأحزاب فإنه قدم دستوراً مزوراً يخالف فقرات أساسية منه، دستور الحزب الذي أجيز في مؤتمر (2004)، مما جعل الحزب يفتقد إلى المؤسسية والأداء الديمقراطي.
*هل هذا هو السبب الوحيد الذي جعلكم تعقدون مؤتمر أم دوم وتثورون على “الميرغني”؟
– هذا وغيره من الأسباب جعلت جماهير الحزب الاتحادي تنتفض في قواعدها وتعمل على تصحيح المسار داخل الحزب.. و”الميرغني” ظل غائباً عن الساحة ثلاث سنوات، ونحن نقدر ظروفه التي لا دخل لأحد فيها، ولكن سياسة الحزب لا بد أن تسير وتنطلق وأن لا تتوقف لظروف طارئة أو دائمة تصيب أياً من قياداته، ولكل هذه الأسباب ظلت جماهير الحزب الاتحادي وعلى رأسهم الشباب في كل الولايات وكل قطاعات الحزب المهنية والطلابية، تلتقي وتجتمع وتخطط لكيفية إنقاذ الحزب من هذا الدمار الذي ينحدر إليه، وعقدت مؤتمرات في ولايات “السودان” المختلفة، ولقاءات متعددة تمخض الأمر أخيراً عن خطوة تاريخية باجتماع عقد في أم دوم في الخامس من (ديسمبر) الحالي، وكون مكتب سياسي انتقالي مؤقت من (269) عضواً اختارتهم الولايات والقطاعات المختلفة، وتم اختيار مكتب لرئاسة الحزب من أربعة أشخاص، ومكتب تنفيذي من (35) عضواً يضم الكيانات المختلفة.
*وما هي المهام الموكلة لهذا التكوين المؤقت؟
– تنحصر مهمته في ثلاثة بنود أساسية:
الأول هو حسم الخط السياسي للحزب والعمل على إسقاط النظام وعدم التحاور معه، والثاني العمل على وحدة كل الفصائل الاتحادية في الحزب وإن كان الخلاف بين الفصائل قائماً على ضبابية الموقف السياسي، فقد حسم هذا الأمر بخط سياسي قطعي واضح لا رجعة فيه، وبالتالي لا بد من وحدة الاتحاديين قيادة وقواعد على هذا الخط السياسي، والأمر الثالث هو سرعة انعقاد المؤتمر العام للحزب الاتحادي الديمقراطي ليكون ديمقراطياً ممثلاً ومعبراً عن قواعد الحزب كلها، على أن يعقد في أسرع وقت ممكن لانتخاب قيادة بإرادة القواعد تكون ملهمة ومنفذة لإرادة الجماهير، وهذه هي مهام التكوينات التي تمت في الخامس من (ديسمبر) وهو يوم تاريخي في حزب الحركة الوطنية.
*قلت إن تزويراً حدث في الدستور المقدم لمسجل الأحزاب، ما هي البنود التي حدث فيها تزوير؟
– أولاً البند رقم واحد القاضي بإنشاء ما يسمى بالهيئة القيادية، وهو غير موجود في دستور (2004)، ثانياً أعطيت سلطات مطلقة لرئيس الحزب وتم إلغاء منصب الأمين العام للحزب، ولم يكن ذلك موجوداً في الدستور الأصلي، وتم حصر كل الأمور لصالح رئيس الحزب، وهو أمر أيضاً غير موجود، ونص الدستور المعدل الذي قدم لمسجل الأحزاب، على أن يعقد المؤتمر كل خمس سنوات في حين أن الدستور الذي أجيز في المؤتمر قال إن المؤتمر العام يعقد كل سنتين، والآن حتى دستور الحزب المعدل ينص على أن رئيس الحزب تنتهي ولايته عند انقضاء مدة المؤتمر العام، وقد انقضت الآن تلك السنوات سواء كان الدستور معدلاً أو حقيقياً، وكل هذا جعل لزاماً على جماهير الحزب وقواعده وشبابه، أن يلجأوا لتصحيح المسار، ونحن في هذا المسار لم نستهدف شخصاً بعينه ولسنا ضد أشخاص ولكن نهدف لمصلحة الحزب وتقويم مساره، ونحن لم نعزل (زيداً) أو (عبيداً) ولكن الساحة الاتحادية رأت قيام قيادة مؤقتة تقود الحزب نحو المؤتمر العام، وهي في هذه الأثناء تعمل على وحدة الحركة الاتحادية.
*لم تعزلوا أحداً ولكنكم ضمنياً ألغيتم وظائف كل القيادات الموجودة حالياً وكونتم مكاتب موازية لتلك القائمة في الحزب؟
– نحن ألغينا ما هو قائم.
*ماذا إذاً تسمي ما أقدمتهم عليه؟
– الحزب انتهى.. وما حدث هو كيان لإنقاذه من هذا الانهيار.. وهذه عملية إنقاذ حقيقية وليست على طريقة ثورة الإنقاذ.. ونحن لم نعقد المؤتمر لنحاكم أحداً ولكن كل أجهزة الحزب انتهت تلقائياً وهناك خروج على دستور الحزب، والأمر الآن يسير وفق ادعاءات بشرعيات زائفة ويقودون الآن الحزب نحو القصر الجمهوري، ومسؤولية جماهير الحزب وعلى رأسها شباب وشابات الحزب ومساندة بعض الشيوخ لهم مثلي أنا والشيخ “أبو سبيب” أن تدعمهم وتؤيدهم وتقف معهم في عملية الإنقاذ حتى ينعقد المؤتمر الديمقراطي وليس المزور الذي ينتقي بعض الناس ويتجاوز الكثيرين، وهو المؤتمر الذي يتخذ القرارات وينتخب قيادته ويحاسب الذين أجرموا في حق الحزب والوطن.
*كثيرون وصفوا ما حدث بأنه انقلاب؟
– ليس انقلاباً ولكن هناك فراغ وبعض الأشخاص يعبثون بالحزب وبإرثه النضالي.. لا يمكن للاتحاديين أن يرضوا بذلك، وإذا ضعف الاتحادي وبنيته ضعف “السودان:، فهو المعبر عن انتماءاته وقبائله ولسنا حزب طبقة معينة أو مجموعة، ولكننا حزب قومي قاتل ضد كل الأنظمة الديكتاتورية منذ “عبود” و”نميري” والإنقاذ، ولا نملك أنا أو غيري أن نحيد عن المبادئ التي أرساها هذا الحزب.
*ولكنكم لا تحظون بسند جماهيري؟
– أولاً نحن نستمد شرعيتنا من دستور الحزب الذي يرفض النظام الشمولي والذي يقول إن المؤسسات الحالية تمثل شرعيات غير موجودة في الحزب وما تم في أم دوم ممثل من جميع ولايات “السودان” ولم نختر شخصاً، وإنما جاء هؤلاء بتفويض من ولاياتهم وجاءوا يمثلون جماهير الحزب الاتحادي من كل ولايات “السودان”، ولو سألتني عن الذين جاءوا فلن أعرف أسماءهم، فهم أتوا من “كردفان” و”الشمالية” و”دارفور” وكل أنحاء البلاد، وأرسلوا مناديبهم من القطاعات المختلفة.
*ولكن بالمقابل هناك قيادات مؤثرة ولديها ثقل جماهيري موجودة تشارك الحكومة الآن ولديها القدرة على الحشد أيضاً؟
– الموجودون في القصر الآن ضد تاريخ الحزب وضد الرغبة الوطنية، وإذا كانت للإنقاذ شرعية، فإن منسوبينا الموجودين معها الآن لديهم ذات الشرعية، المشاركون في السلطة ينتحلون اسم الاتحادي الديمقراطي.. وأقول بملء فمي إن الحزب الاتحادي الديمقراطي لم يشارك في الحكومة حتى الآن.. ومن شارك فقد خرج من الحزب، لأن الاتحادي كان وسيظل محتفظاً بخطه النضالي بوجوده في صفوف المعارضة السودانية.
*البعض اعتبر أن مؤتمر أم دوم محاولة لإيقاف “محمد الحسن الميرغني” من السيطرة على الحزب؟
– “محمد الحسن” لا يمثل الحزب.. ولا يمثل تصوره ويتحرك بصورة شخصية.. الحكم بيننا والآخرين هو دستور الحزب الذي يقاوم النظام الشمولي الذي ينبغي أن يسير على منواله جماهير الحزب الاتحادي ومصلحة الشعب السوداني.. ليس بيننا وبين هذا الشاب خلافات شخصية، ما يهمنا الآن هو الوطن والحزب.. المؤتمر الوطني نفسه يعلم أنه لا يمثل الاتحادي الديمقراطي.. الوطني يريد أراجوزات تحمل اسماً لكيانات ضخمة لتقف جماهير الشعب السوداني معه، الوطني يخدع الذين ينتحلون اسم الحزب.. ومن ينتحلون اسم الحزب يخدعون الوطني.. وهي عملية خداع متبادلة.
*هل تتوقع انشقاقاً داخل الحزب؟
– لا يحدث انشقاق مطلقاً في الفكر والموقف الوطني لمن يؤمنون بالديمقراطية وعدم التحاور مع النظام.. لكن من يؤيدون هذا النظام إذا انشقوا نعتبرهم خارجين، ولكن لن يحدث انشقاق.
*ولكن رئيس الحزب “محمد عثمان الميرغني” رفض قرارات مؤتمر أم دوم بحسب قيادات اتحادية نقلت عنه؟
– هذا رجل كبير في السن.. وينبغي أن نحترم صمته.. لا أن ننتحل اسمه ونتاجر به.. هؤلاء الناس عديمو الأخلاق السيد “محمد عثمان الميرغني” لم ينطق بكلمة واحدة منذ ثلاث سنوات، ولكنهم يستغلون صمته، لماذا لا يتصل “الميرغني” بالشعب السوداني ويتحدث له بصوته الجهوري؟.. لماذا لا يتحدث للشعب؟.. لماذا يتحدث لهؤلاء الذين يساندون الشمولية دفاعاً عن أنفسهم وليس عن “الميرغني”.. أقول لهم احترموا صمت هذا الرجل.
*ولماذا برأيك هو صامت طوال هذه الفترة؟
– نظراً لظروفه الصحية، والمرض لا يعيب إنساناً.. وعلى هؤلاء أن لا يستغلوا صمته ليكتبوا ما يشاءون.
*هل تعتقد أنهم يريدون الشرعية بذلك؟
– الشرعية ليست من السيد “محمد عثمان الميرغني”..حتى الدستور المزور دعا لمقاومة الأنظمة الشمولية.. الشرعية ليست في شخص وإنما مستمدة من الحزب ودستوره.
*ولكن في حال لم يكن “الميرغني” في الحزب فإنه سيفقد سنده الجماهيري؟
– الحزب الاتحادي ليس ملكاً لشخص.. هذا الحزب موجود منذ (1956) وخاض عدداً من الانتخابات عبر التاريخ ولم يعتمد فيها على شخص أو طائفة، وهذا الحزب لكل الشعب السوداني ولكل الطرق الصوفية، لا يتجزأ منها أحد، وكلها جزء من الحركة الاتحادية.
*هل تعتقد أن خروج “الميرغني” وطائفة الختمية لن تؤثر على الحزب؟
– هناك أحد أعضاء الهيئة القيادية وهو “تاج السر الميرغني”.. والشيخ “أبوسبيب” أمين عام شؤون الختمية في “السودان”.. وأنا شخصياً لا أنتمي للختمية، فأنا إدريسي ولم يكن “الأزهري” ولا “الشريف الهندي” من طائفة الختمية.. ومن يعتقد أن الحزب الاتحادي هو طائفة الختمية، فهذا ضعف في الفهم..الختمية طريقة لها قيمتها ودورها الكبير في الحزب ولكنها ليست الحزب الاتحادي.
*برأيك هل من الممكن توحيد الفصائل الاتحادية؟
– التوحد وارد على الخط السياسي.. ولكن من يلهثون وراء الاستبداد تسقط اتحاديتهم، أما الذين معنا في الخط النضالي هؤلاء سيتوحدون معنا.