النشوف اخرتا
إنهم بشر
سعد الدين ابراهيم
كنت قبل مدة قد حذرت من ظاهرة تسجيل المكالمات، حيث يترصدك المتحدث معك على الهاتف بسؤال عن شخص قد تقول فيه كلاماً سالباً فيسجله لك ويصبح وثيقة لإفساد العلاقة بينك وبينه حين يسمع قطيعتك من خشمك لأضانو فيوغر ذلك الصدور وفي لحظة الغضب الرعناء تقول كلاماً لا يسر الآخر.. لكنه وليد لحظة ينقضي حين يسكت الغضب وكانت تؤلمني منافقة البعض فقد كنت أقف ضمن مجموعة وظهر فلان من بعيد فأخذوا يتحدثون عن ثقالته وسطحيته وأشبعوه نقداً وسباً، ولدهشتي حين وصلهم سلموا عليه بحرارة ووصفوه بالكبير والضخم والظريف والعميق بعكس ما قالوا فقلت في سري: إنهم بشر! أخيراً تتحدث المدينة عن تسجيل مفخخ لوزير سابق انتقد فيه الجماعة ولم يقصر وطبعاً لن يحله سوى أسلوب قريبتي التي قطعت مع أخرى في فلانة ولم تترك لها جنبة ترقد عليها، بعد ذلك أفهموها أن فلانة المقطوع فيها ابنة خالة المقطوع لها لزم وصديقتها الروح بالروح وحتماً ستنقل (القوالة بضبانتها)، فقالت بلا مبالاة العاجز: ما بنكر الكلام زي الترتيب.
أو يمكنه أن يستخدم طريقة “ود الشواطين” الذي اقتحم على جماعة مجلسهم وأخذ يقطع في صديقهم “عبد الصمد” الذي كان حينها في (الحمام)، وبينما هو سادر في القطيعة خرج “عبد الصمد” وسمع باقي القطيعة وهو واقف خلف “ود الشواطين” وحتى ينتهي قالوا مشيرين خلفه “عبد الصمد” وراك بسمع في كلامك، قال بسرعة: شايفو الحيوان!.. فيكابر ويتمسك برأيه قائلاً: أنا قصدت الإصلاح أو يستخدم طريقة نيازي الانتهازي فيقول: هذا كلام قلته للمعارضين حتى يطمئنوا لي ويحسبوني معهم فاخترقهم من الداخل وأعرف ما يدبرونه للجماعة حتى أحذرهم حين يضمرون لهم شراً مستطيراً.
ومع شماتة البعض بموقف الوزير السابق ومع تعاطفي مع الورطة التي وقع فيها وهي فرصة لأعدائه وأعداء رهطه بأن يقدحوا في الجماعة وفيه.. هب إنه قال الكلام الأسوأ هذا التجسس عليه والتربص به يبدو أن التسجيل تم والرجل يتحدث بعفوية لمن يثق فيه، لكن ثمة من سجل من مكان قصي حسب إمكانات الأجهزة الذكية وربما سجل والجهاز في جيبه هي عملية خسيسة ودنيئة لكن متاحة والبعض لا يتورع من استخدامها، بعد دا الناس يبقوا عشرة فليس الحيطان وحدها التي لها أضان زاد عليها النجيلة كبابي الشاي والمناضد كلها لها أذان، يقول الشمار إن التسجيل تم في شارع النيل مساء الله يلعن بي فليل في شارع النيل، أحمد الله حمداً كثيراً أنني لست من رواد شارع النيل ولست من مستخدمي الأجهزة الذكية، ثم أنني لا أنتقد في السر إنما في العلن، ثم أنني لست وزيراً سابقاً أو محتملاً حتى يتربص بي من يتربص، عموماً الجماعة ورونا جديد ما كان على بال والتسوي تلقى.. مع تعاطفي مع الرجل الذي أحسب أنه صار أقلية وأنا بطبعي متعاطف مع الأقليات.