رأي

مسألة مستعجلة

محليات معطلة !!
نجل الدين ادم
في الماضي كان يطل عليك موظف المحلية وهو يبحث في ملاحظات (البالوعات) المفتوحة اتقاء شر الملاريا ولا يتورع في تسجيل مخالفة لكل من لم يلتزم بالتعليمات، وعلى الطرف الآخر من الشارع يتساءل عن سكب المياه التي أثرت في بنية الشارع الاسفلتي ويحيل صاحب الدكان أو المطعم المخالف للمحكمة طوالي، أما إذا تجرأ أحد وقام بحفر بير (حمام) خِلسة خارج مساحة المنزل، فتجد عربة المحلية أمامك، وفي أمر النفايات تجدها تسارع بعرباتها نحو أماكن تجمعها، وفي تلك الناصية تجد موظف الصحة بالمحلية يتفحص طاولات المخابز التي يتم بها صناعة الخبز، ما إذا كانت نظيفة أو بها ملاحظات وإلى آخر تلك المهام الجسام. لكن اليوم ذهب كل هؤلاء الموظفين المحترمين الذين كانوا يقومون بهذا العمل في حق الله، ولا أقصد أنهم ماتوا ولكن ماتت الهمة!، نفس الأوامر المحلية وقوانين الصحة والبيئة هي الآن سارية لم تعصف بها الأيام لكن قتلها هؤلاء الموظفون الجدد الذين آثروا البقاء في المكاتب، وأكل البوش والانصراف عقب تناول وجبة الإفطار والشاي. هكذا تبدو المحليات اليوم ووحداتها الإدارية تنتشر في أنحاء المحليات دونما أي عمل أو أي رقيب، حتى المدير التنفيذي والمعتمد تجدهما لا يعرفان مواقع بعض الوحدات الإدارية الطرفية.
ينشط موظفو المحليات الآن في تتبع جباية العوائد والرسوم الأخرى وملاحقة ستات الشاي وأخذ الرسوم من محلات الشيشة والعماري للصعود، ولا تحرك التجاوزات والمخالفات التي لا تخطئها العين فيهم ساكناً، أصبحت محليات لجمع المال وتناسي الخدمات الأساسية التي جاءت من أجلها. على امتداد شارع أفريقيا (المطار) وتحديداً بالقرب من السوق المركزي الخرطوم، شاهدت قبل أيام كلباً ميتاً وهو منتفخ عند منتصف أكبر شوارع العاصمة الخرطوم، وفي امتداد ذات الشارع وعند تقاطع الصهريج نهاية الأزهري لاحظت أطناناً من النفايات ملقاة عند الجزيرة التي تفصل بين الشارع القادم والماشي، لا أحد يسأل في هذه المخالفة البيئية الخطيرة. وعلى مقربة منها مطاعم وبقالات وأجزخانات، الأمر الذي استدعاني لأن أتذكر موظف المحلية في السنوات الماضية وأنا أضرب معه حجة في أمر مخالفة، أصر أن يسجلها لي وطلعت منه في نهاية الأمر بإنذار بعدم تكرار المخالفة. حقيقة لم أعرف حجم ذلك التفاني في العمل والجد والاجتهاد إلا عندما بدأت أصطدم نفسياً بهذه المخالفات المنتشرة على مد البصر والموظفون في نوم عميق!.
أنا متأكد بأن أي من محليات ولاية الخرطوم لم تفكر في حصر موظفيها المنتشرين في الوحدات الإدارية، لمعرفة وظائفهم التي يقومون بها وجدوى انتشارهم وتنفيذ المهام الموكلة إليهم. أرجو أن تلتقط إحدى المحليات زمام المبادرة وتنفذ هذه المهمة وسوف تجد العطالة المقنعة بعينها، وكثير من المهام التي أشرت إليها لم تعد ضمن واجبات موظف المحلية الآن. السادة المعتمدون زيارة ميدانية واحدة كافية لتحيلكم إلى حقائق يشيب لها شعر الرأس فهلا فعلتم ذلك، والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية