حوارات

الأمين العام للإدارات الأهلية في السودان في حوار جرئ مع المجهر (1-2)

* على (الإنقاذ) أن تتعظ مما فعله “نميري” في الإدارة الأهلية..
* نحن نقول للحكومة ، بالتحديد ،أموركم مع الإدارة الأهلية ما حميدة
* أخشى أن يكون الحوار الوطني مسرحية باهتة ومخرجاتها (ما هي طيبة)!!
 * الدولة تخصص ميزانيات لكرة القدم وتضن  بها على الإدارة الأهلية
لعبت الإدارة الأهلية دوراً بارزاً في عهد الاستعمار الإنجليزي، مروراً بالإتكاءة التاريخية للناظر “بابو نمر” و”دينق مجوك” تحت شجرة الحلول المشتركة، وصولاً إلى مواقفها العنيدة أيام الرئيس الراحل “جعفر نميري”، أثارت الكثير من الجدل ما بين مبارك لمسيرتها وناقم على أدوارها في تعزيز القبلية وما وصفه مناهضوها ، بالتحيز والتوهان في متاهات السياسة، مابين خبو نجمها في عهد ثورة الإنقاذ، والأدوار التي تلعبها اليوم، ومايثار بشأن  تهميشها في الحوار الوطني.  كل ذلك كان  محور الحوار التالي الذي اجرتع الــ(المجهر) مع الأمير “أحمد عبد الله النير” الأمين العام للإدارات الأهلية في السودان… فإلى مضابطه…
حوار- ميعاد مبارك
{    الإدارة الأهلية ما بين الإنقاذ وعهد نميري .هل ماتت حقاً ؟
–    حقيقة ، على حكومة الإنقاذ أن تتعظ مما فعله “نميري” في الإدارة الأهلية. لصغر سني في عهد “نميري” ، لا أعرف الكثير، ولكن سمعت أن (ثورة مايو) لم تكرم الإدارة الأهلية، فلذلك ما وجدت أنصاراً لها في بقاع السودان، والإنقاذ عندما جاءت ساندتها الإدارة الأهلية، أحيي ، في هذا السياق،  ذكرى أخونا “مجذوب الخليفة”،  رحمه الله كان رجلاً حكيماً، جمع ناس الإدارات الأهلية ،وكون المجلس الاستشاري للنظام الأهلي بولاية الخرطوم، وبعده جاء أخونا “أبو مازن” ، وكنت آنذاك نائب الأمين العام ،الذي كان يومها “عبد الله الأمين”، كنا متفاعلين تماماً مع كل الأحداث وكل المسائل، حتى إذا قالوا تجريداً نتجرد، إذا قالوا : هلموا إلى غرض ما، يجدوننا في المقدمة، وعندما ظهر  إدعاء “أوكامبو” خرج رجالات الإدارة الأهلية للدفاع عن الوطن. 
{    تجدون أن أدواركم أبرز في عهد الإنقاذ؟
– أوضح بكثير، أستغرب جداً ما يحدث الآن من تهميش لهؤلاء الرجال الذين لهم وفاء ولهم أخلاق ولهم مثل، ولهم في السودان باع طويل وسمعة طيبة.
{ في عهد “نميري” كان للإدارة الأهلية اسم مهاب ومكانة.. أما الآن صار لا يسمع  لها صوت.. هل ماتت الإدارة الأهلية في عهد الإنقاذ وأصبحت هياكل  صورية؟
–    نعم، نعم، في عهد نميري كما أسلفت لم أكن أميراً، كنت صبياً صغيراً، حدثنا كبارنا وكانوا يزجون شيئاً من الشكر، ولكن ليس بالمستوى المطلوب، وأنا حضرت مثل ما ذكرت، مع أخونا “مجذوب الخليفة”، تكوين المجلس الاستشاري وتفاعلنا معه، وكل الإدارات الأهلية وقفت عن بكرة أبيها مع الإنقاذ آنذاك ،صراحة.
{ أتلمس ندماً في نبرتك.. ندمانين؟
–    ما ندمانين، لأن الأخ رئيس الجمهورية “عمر حسن أحمد  البشير” شخصية قومية ومحبوبة ومتراض من  عليها جميع أهل السودان، لكن هنالك بعض الأخوان في الإنقاذ ،  يسعون لشق الصفوف والتفريق بين مكونات المجتمع السوداني، مثلما جاء  في تصريحات مسؤول كبير ، والتي أوردتها صحيفة (المجهر) قبل أيام حول حجر نشاط الإدارة الأهلية في ولاية الخرطوم، ونقول له الإدارة الأهلية خط أحمر. ولا تقبل الخدش.
{ كأنما تتهم هذا الشخص ..؟
–    أعني ان  له وجهة نظره وحاجاته التي تخصه ويعلمها وحده، هو لا يقف في صف الكبار، لكن نحن كرجالات إدارة أهلية ،نعلم أن الخير كله في لم الشمل واحترام الإدارات الأهلية، نحن حتى الآن يدنا نظيفة وسمعتنا طيبة بغض النظر عن بعض الأشياء التي تحصل ، كمطالبات حسب ما يقتضيه ظرف الحال، لأن الإدارة الأهلية تتبنى قضايا  الناس الذين لهم حاجات وظروف، والمعنى الحقيقي لـ”الأمير” أو “العمدة”، هو ود قبيلة وهو محترم وأخو بنات وهو سوداني أصيل ووطني، تلقاه دائماً في الخير أكثر مما يكون في الشر.
{ الإدارة الأهلية متهمة بأنها أس المشاكل بتحيزها وعدم حياديتها في عدد من القضايا؟
–    لا أعتقد، هذا كلام جزافي وليس له شيئ من الصحة، الإدارة الأهلية كما أسلفت صدرها رحب ومتجاوبة ومتفاعلة مع كل الطرح القومي.
{ على ماذا تعول الإدارة الأهلية في الحوار الوطني؟
–    دعيت للحوار الوطني، وصراحة بعض الأخوان التحقوا به، ولكن أنا امتنعت.
{ لماذا؟
–    لأن مجريات الحوار الوطني التي تمت لم تكن لدي عنها خلفية، زد على ذلك (أنا اشعر بامتعاض)، أنا كأمير في ولاية الخرطوم وأمين عام للإدارات الأهلية لم أدعى بشكل لائق، وهذه ليست المرة الأولى ، فقد عانينا الأمرين في عهد والي الخرطوم السابق، والذي كان لإدارته دور سلبي جداً مع الإدارات الأهلية، والإدارات الأهلية في الانتخابات  لم تتفاعل معها، وكذلك عندما جاء دور الحوار الوطني ما نشطونا وما دعونا تلك  الدعوة البيها ممكن تتفاعل مع أحداث، لكن هذا لا يعني أننا اشتغلنا ضد الترتيب، إنما حبسنا نفسنا وتركنا الأمر، وتمنينا أن تكون هنالك فعلاً حلول.
{ هل هنالك ضغينة قديمة على أساسها رفضتم الإقبال؟
–    الآن لولم يأت قرار صريح بأن الإدارة الأهلية لها مكانتها ولها قبولها في ثورة الإنقاذ لن تتحسن الأوضاع، حقيقة هنالك جفاء بين الإدارات الأهلية، وثورة الإنقاذ.
–    الحوار الوطني نادى بالتقدم للأمام ومعالجة مرارات  الماضي.
–    إذا كان الحوار الوطني نادى بأن ترمي الناس الوراها، لماذا يدعو قيادي بارز الآن إلى تهميش الإدارة الأهلية داخل ولاية الخرطوم.
{ هل تحسون بتناقض في أجندة الحوار؟
–    ليس تناقضاً فقط، بل هؤلاء ينادون  بشيء، وآخرون منهم ينفرون. وهذه صراحة معايير ما صحيحة، وتوجه غير سليم ، وأنا أخشى أن يكون الحوار مسرحية باهتة ومخرجاتها (ما هي طيبة).
{ كأنك ترى أن الحوار الوطني الدائر الآن  مجرد جدل سياسي، لا أكثر؟
–    نحن نقول الذي لا يوفي لجده ولا يوفي لأبيه يصعب عليه أن يوفي لغيره صراحة، نحن نقول للحكومة بالتحديد أموركم مع الإدارة الأهلية ما حميدة، من يحمل السلاح ويعلو صوته يجد الاحترام والتقدير ،والذي لا يحمل السلاح ،والذي تجدونه دائماً في بساطة وفي هدوء وفي احترام لكل المواثيق ولكل الأعراف هذا يهمش ويبعد.. العلماء يجب أن يكرموا لكنهم مهمشون الأئمة في المساجد تجد مرتب الإمام لا يساوي مرتب غفير في الوزارة . صراحة مقاييس غير سليمة، يجب على إخواننا في سدة الحكم أن يراعوا مثل هذه المسائل التي تؤدي في نهاية الأمر إلى نتائج غير مقبولة، الناس قد تصبر وقد تتحمل، الإمام حتى لو لم يؤجر سيقوم بواجبه، وكذلك ابن القبيلة، والأولى من باب الإنسانية والاحترام أن يكرم عزيز القوم ،ولا يذل ولا يهان.
{ عزيز القوم أعادتنا إلى نقطة عدم الحيادية ،  التي يقف عندها مناهضو الإدارات الأهلية… ويتهمونها بأنها أس المشاكل.. أعيدك لسؤالي السابق؟
–    نحن حقيقة لا نريد أن نتجنى عليهم أكثر من ذلك.
{ تنكرون تحيزكم في بعض القضايا؟
–    لا .. لا ننكر تحيزنا، وأنا حتى الآن أخبرك أنني مؤتمر وطني وليس لي حزب غير المؤتمر الوطني، ولكن هنالك أشياء لا تعجبني، عندها مباشرة تجديني أمر بالمعروف وأنهي عن المنكر، وأقاتل وأنافح حتى يبين الحق بإذن الله تعالى.
{ الانتماءات السياسية والتحزب هو من دق المسمار الأخير في نعش الإدارة الأهلية.. لقد خلطتم الماء بالزيت؟
– الإدارة الأهلية وغير الإدارة الأهلية ، كل المسائل القومية هي ليست ببعيدة عن السياسة، كل من يتعاطى السياسة وفق مزاجه ولونه السياسي، حتى في  الأماكن التي يمنع فيها شفاهة، يحتفظ الإنسان بلونه السياسي، ونحن كذلك في الإدارات الأهلية، نجعل الشخص يحتفظ بلونه السياسي، كابن قبيلة مناط به إصلاح حال القبائل، والكثير من  أخواننا لديهم انتماءات سياسية ، وهم موجودون في الإدارات الأهلية لا يقدمون اللون الحزبي على المسائل القومية.
{ المعروف في عرف السياسة أن الحزب أولاً؟
–    لا .. لا حاشا لله.
{ هذا خلط بائن؟
–    ليس خلطاً، ولكنه شيء لابد من التعامل معه.
{ ربما خبا نجم الإدارة الاهلية  بسبب هذا التحزب.. لأنها صارت مسيرة حسب قرارات وأيدلوجيات حزبية معينة؟
–    أختي العزيزة ،إذا قلنا الإدارة الأهلية مسيسة، أنا الآن مؤتمر وطني ولكن لا يعجبني قول مسؤول في أمر تجميد وتهميش الإدارة الأهلية.
{ تحدث الخلافات ما بين أبناء الحزب الواحد؟
–    نعم ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال تعالي (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، ومع ذلك قد تجد من يقول لا تتعارفوا هذه جهوية…!
{ أيهما أفضل أن تكون الإدارة الأهلية جزءاً من نظام الحكم أم تكون جهة حيادية يلجأ لها النظام في بعض القضايا؟
–    أنا أفضل ألا تتدخل الإدارة الأهلية في الحكم أو السياسة، الإدارة الأهلية تقوم بإدارة شؤون القبائل والأسر والمجتمع، وتترك السلطة والحكم، وهذه المسائل للحكومة ولجهاز القضاء، دورنا ليس سياسياً ولا قضائياً ،إنما ربط الوشائج بين القبائل وتصحيح المفاهيم، ولم الشمل.
{ أليس للإدارة الأهلية دور قضائي متمثلاً في المحاكم الشعبية؟
–    هي ليست سلطة قضاء إنما جوديات وحلول لإشكالات أقرب من يحلها صلحاً بين الناس هو رجل الإدارة الأهلية، إذا جلس بين الناس وآخى بينهم ،وحسم القضية، هذا نجاح كبير ويوفر على الدولة الكثير، الآن لدينا قرابة الخمسين عمدة من ناسنا بحاكموا في المحاكم الشعبية ،في خلال ستة أشهر، قدموا الكثير من المكاسب وأشادت بجهودهم الكبيرة السلطة القضائية.
{ ترون أن الإدارة الأهلية تقوم بدور فاعل الآن؟
–    فاعلون في دورهم جداً ويقومون بأدوار إنسانية وأخلاقية  واجتماعية جميلة، نحن حقيقة نعلم أنه منذ ذاك العهد الذي دخلت في الإدارة الأهلية إلى يومنا هذا، ما في رجل إدارة أهلية أخذ ماهية من الحكومة، بل (الإنسان البيجبوه أهله ويختوه، لو عنده قروش بفلس)، والأمثلة كثيرة لناس نزلوا من عرباتهم وباعوا بيوتهم وأصبحوا الآن في فقر مدقع، (عندنا عمدة عموم “حسن محمود عبيد” كان لديه بيتان بالقرب من سوق ليبيا ، قيمة الواحد (3 مليارات)، الآن البيتان باعهما وأكرم بيهم ناسه)، وهو رجل قيادي وشيخ كريم، وكذلك أخونا “عبد الله عكام”، وأنا كذلك عندما توليت إمارة القبيلة والأمين العام ، نزلت من عربات وبعت بيوت والآن لا أملك عربية ولا بيتاً، كل هذا ذهب في سبيل أننا نشتغل في إداراتنا الأهلية، والدولة ما داعمانا ولا عاملة ميزانية للإدارة الأهلية، عاملة ميزانية للكرة،  وأشياء كتيرة لا داعي لذكرها، وليس رجال الإدارة الأهلية فقط حتى أئمة المساجد ما عندهم لدى  الحكومة غير التهميش لا سلطة لهم ولا ثروة، وهم ما محتاجين لا لسلطة ولا لثروة، ولكن كان أقله سد الرمق وبعض الشكر والعرفان.
{ هل يمكن أن تعود الإدارة الأهلية إلى سابق عهدها؟
–    نعم الإدارة الأهلية ستعود إلى سابق عهدها وأهلها لأن الله تعالى كما أسلفت جعلها وأقرها، وسوف يذكر كل من يأتيها بالخير،  بالخير، وسوف يذكر كل من يأتيها بالشر ،بالشر، وهي كذلك كما الدعوة الصالحة تصلح من يصلح بها وتفسد من يفسد بها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية