رأي

المشهد السياسي

(نداء السودان) وإعادة هيكلة المعارضة
موسى يعقوب
الإمام الغائب الذي بقي في الخارج لعام وربع العام كان يعزو غيابه لإنجاز مهام وطنية بدأها بإعلان “باريس” و(نداء السودان)، وقد تمخض لقاء (نداء السودان) الأخير في “باريس” عن ما كان يطلق عليه السيد الإمام (إعادة هيكلة المعارضة) عبر قرار بالاتفاق على مجلس رئاسي يقوده زعيم حزب الأمة القومي الذي لم يكن محل إجماع يوماً ما، ولم يكن خطابه عن الآخرين في قوى الإجماع وغيرها من المعارضين ما يقرب المسافة بين الأطراف، فهي برأيه أحزاب فاقدة الصلاحية والسند..!
لقد جمع (نداء السودان) الأخير في “باريس” في الفترة من 10 إلى 13 نوفمبر الجاري مجموعة من المعارضين وحملة السلاح هي الأضعف زعامات ووحدة كيانات، بل أدركت تلك الزعامات الشيخوخة والإفلاس السياسي وأنهكت غيرها الخلافات كمجموعة “خليل إبراهيم” و”عرمان” و”مناوي” و”عقار”..الخ.
وبهذه الطريقة والقرار لا نستطيع أن نقول إن المعارضة قد أعيدت هيكلتها.. وهناك كيانات بقيت بعيدة عنها هذه المرة وهي الحزب الشيوعي السوداني وحزب البعث العربي وآخرون أعلى صوتاً وحضوراً.. و”المهدي” وحزبه ما يزال لهما من الصعوبات والمشكلات ما يقعد بهما.
المجلس الرئاسي المتفق عليه في نداء السودان بباريس اتخذ قراراً بتصفية النظام الحالي، وإحلال حكومة قومية انتقالية محله عن رضا أو انتفاضة..!
فقرار التصفية والإحلال قرار وشعار قديم مرَّت عليه الكثير من السنوات، وما يزال أمامه ما يقعد ويحيل بينه وبين تحقيقه.
والأسباب والشواهد أشهر من أن يشار إليها لدى من يقرأ الوقائع.. فالانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جدد بها النظام مشروعيته جرت مرتين، وشارك فيها على كل المستويات الكثيرون إلا جماعة (إعلان باريس) و(نداء السودان) التي كانت قد طرحت شعار العمل على ألا تقوم الانتخابات، ولكنها قامت مبرأة ومسنودة بالمشاركة وبالشهادة بأنها كانت نظيفة.
وفوق ذلك هناك الآن أمران مستجدان لهما تأثيرهما على قرار مجلس (نداء السودان) الرئاسي الأخير في “باريس”.. أحدهما على صلة بجماعة (نداء السودان) التي أعيدت هيكلتها والآخر على صلة بالنظام المستهدف بالرحيل بالرضا والتي هي أحسن أو خلافهما- أي بالانتفاضة الشعبية..!
الأمران المستجدان هنا هما:
–    ضعف المعارضة إجمالاً ومجموعة (نداء السودان) تحديداً، وذلك لما اعتراها من خلافات ونزاعات وتراجع في الفترة الأخيرة.
–    وعلى الجانب الآخر (النظام الحاكم) هناك الآن مشروع الحوار الوطني والمجتمعي الذي دعم النظام سياسياً ودبلوماسياً.. وله مردوده الكبير على السلام والاستقرار وخروج البلاد من الأزمات.
أعداد كبيرة من الأحزاب السياسية والكيانات والرموز والجماعات حاملة السلاح انضمت لهذا المشروع الوطني الذي يعد الأول من نوعه في خريطة العمل الوطني.. وقد قطع الآن ثلث الفترة الزمنية المتوقعة لإنجاز مهامه وأجندته، وإن لم يزل الباب مفتوحاً لأن يلحق به من شاء من الممتنعين والمعارضين له.
في ضوء هذا وتأسيساً عليه فإن مخرجات (نداء السودان) الصادرة مؤخراً عن اجتماع “باريس” تبدو ووفق كل الظروف والأحوال، أنها قد جاءت في غير محلها وزمانها، كما أن إعادة الهيكلة التي جاءت بالسيد زعيم حزب الأمة القومي رئيساً لمجلس النداء الرئاسي، كانت إلى حد كبير ترتيب ضرورة عاشها الكادر السابق في النداء.
والبيان الختامي الذي يتوقع صدوره خلال شهر من لقاء المجموعة في “باريس” مؤخراً.. لا ندري ما سيخرج به ولكن قرار تصفية النظام الحالي وإحلال حكومة قومية انتقالية خلفاً له عن (رضا أو خلافه) يظل هو القرار الذي حمله “المهدي” في حقيبته وعاد به إلى مهجره في جمهورية مصر العربية.
لقد كانت إعادة هيكلة المعارضة وأجسامها الأخرى هماً من هموم السيد الإمام “الصادق” بل وأجندته الوطنية وهو في حالة اغتراب وهجرة بدأت بعد (إعلان باريس) في أغسطس – آب 2014 – فما الذي سيفعله الرجل وقد ألقى الأمر بين يديه رغم كل ما كان بينه وبين “أبو عيسى” و”أمين مكي مدني” وآخرين..؟ إنها السياسة التي لا تقبل السكوت.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية