مسألة مستعجلة
يبقى لحين السداد.. تاني!!
نجل الدين ادم
كتبت قبل أربعة أيام عن مشكلة (يبقى لحين السداد) والجدل حول تحويل الشيك كورقة مادية في المعاملات إلى وثيقة مدنية لا يكون عليها إجراء جنائي، وأشرت إلى أوجه الضرر للدائن إذا تم تعديل المادة المتعلقة بقوة الشيك في القانون الجنائي ونحج الناشطون في هذا الأمر في مقصدهم.
وهنا أعود وأقول إن أي تعديل لا يضمن حق الدائن كطرف في القانون يعني إهدار حقه كطرف لصالح المدين ولا يستقيم في مبدأ تحقيق العدالة، وأشير إلى أن الخطوة من شأنها أن تشجع محرري الشيكات المليارية على التلاعب، ونكافئهم في مقابل ذلك بإطلاق حريتهم وندعهم يردون الدين “على مهلتهم” دون الالتزام بآجال السداد المدونة في الوثيقة.
نقطة مهمة جداً أود التنبيه إليها وأتمنى أن يناقشها المشرعون باستفاضة حتى يجدوا لها معالجة، هذه النقطة هي المسؤولية المباشرة في الإخلال بالدين من قبل الشركات والمؤسسات والمصانع ومكاتب الخدمات، والأخيرة هي الأخطر طبعاً، ففي الغالب تجد أن المدير العام هو المسؤول الأول في حالات التجاوزات المالية، وقد لاحظت أن جميع حالات الاحتيال تقع في هذا الجانب، حيث إن أصحاب مكاتب الخدمة أو بعض الشركات يقومون بتعيين مدير عام ليكون في مقام المسؤولية فقط، يعني لو ارتد شيك أو عجزت الشركة عن الوفاء بالدين لا يكون صاحب الشركة هو المسؤول الأول قانونياً بل المدير العام الذي تم تعيينه، وبرغم أنه لا يملك سهماً واحداً يكون في الواجهة، ويتم القبض عليه ومساءلته وإن لم يوف ينضم إلى قائمة سجناء (يبقى لحين السداد)، وهو في الأصل ليس بصاحب دين وإنما جيء به ككبش فداء، لذلك تجد هذه الحالة بكثافة، فيستغل المسؤول الأول شخصاً ما بتعيينه مديراً، بحيث يكون هو صاحب الدين خارج أسوار السجن عند الوقوع في أي إخفاق مالي!
هذه ملاحظة جوهرية أتمنى أن تكون حاضرة في أي تعديل مرتقب، وليس رفع المسؤولية الجنائية عن من يريدون أن يأكلوا أموال الناس بالشيكات ويتدثرون خلف المساكين.. وهنا اقترح أن يعالج أمر المسؤولية الجنائية لأنه ببساطة إذا كان المسؤول الأول طليقاً وأموال الناس في بطنه وهناك من يجلس بالإنابة عنه بين القضبان، فإن حالة اللا مبالاة هذه لن تنتهي بفصل المدير الموجود في السجن وتعيين كبش فداء جديد.. ويستمر المسلسل وتمتلئ السجون بالضحايا.. (يبقى لحين السداد) يفترض أن تكون قائمة كأصل في التعامل لضمان قوة الشيك، وفي المقابل لا بد من النظر إلى هذه الملاحظة التي أشرت إليها بشأن المسؤول، وأن يكيف القانون المسؤولية في إطار أصحاب المال والشركات لا من ينوبون عنهم.. حينها يمكن أن ينصلح الحال شيئاً فشيئاً.. والله المستعان.