"الخرطوم" و"الرياض" أفق مفتوح وآفاق جديدة تتعدى عاصفة الحزم
تقرير- نزار سيد أ حمد
تمضي العلاقات السودانية السعودية نحو آفاق جديدة تخدم المصالح والأهداف الإستراتيجية المشتركة على مستوى البلدين وعلى مستوى المنطقة بصورة أشمل، وقد تحققت بفضل قيادتي البلدين ممثلة في رئيس الجمهورية “عمر البشير” وخادم الحرمين الملك “سلمان” الكثير من المكاسب السياسية والاقتصادية والأمنية. ولعل زيارة رئيس الجمهورية الحالية للمملكة برفقة وفد عالي المستوى من الوزراء والمسؤولين، تكشف بوضوح حجم الثقة والتطور في علاقات الدولتين التي تنطلق إلى آفاق بعيدة تجني ثمارها الدولتان في الوقت الراهن وفي الوقت البعيد إذا سارت الأمور على هذا النحو المتقدم من التفاهم. وعلى مستوى السودان يبدو أن ثمرة التبادل المشترك بدأت تظهر مع توقيع أربع اتفاقيات اقتصادية كبيرة تم التوقيع عليها بحضور قيادتي البلدين ومباركتهما.
( 2.5 ) مليار صادرات للسودان
وفي تعليق للقيادة السعودية تحدث وزير المالية السعودي الدكتور “إبراهيم بن عبد العزيز العساف” عقب مراسم التوقيع، معتبراً أن الاتفاقيات التي وقعت بين حكومة بلاده وحكومة السودان تأتي امتداداً للدعم الذي تقدمه المملكة العربية السعودية للدول الشقيقة والصديقة وخاصة الدول المجاورة ومنها السودان، من خلال استفادتها من المشروعات في القطاعات المتعددة. وأفاد “العساف” أن المملكة لها نشاط جيد في تمويل الصادرات للسودان من خلال برنامج الصادرات السعودي التابع للصندوق السعودي للتنمية الذي قدم تمويلًا بنحو (2.5) مليار ريال من الصادرات السعودية للسودان، وهو مستمر في هذا النشاط. وأكد أن هناك اهتماماً كبيراً من قيادتي البلدين الشقيقين لتعزيز التعاون الاستثماري والتجاري بشكل عام، مضيفاً أنه من هذا المنطلق السودان مهتم في أن يكون سلة الغذاء للعرب من خلال مبادرة رئيس الجمهورية الذي يرغب في جذب استثمارات عربية لبلاده وبالذات من المملكة العربية السعودية. وأشار الدكتور “العساف” إلى أن المملكة لديها جهوداً لتشجيع الشركات السعودية للدخول للسودان، وكذلك المشاريع التي يتم تمويلها من الصندوق السعودي وبصفة خاصة في القطاع الزراعي والسدود والكهرباء، والعمل على تحسين البيئة الاستثمارية في السودان لإتاحة التعاون بشكل أكبر ومفيد للبلدين الشقيقين.
علاقات وثيقة
المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير “علي الصادق” قال في حديثه لـ(المجهر) أمس (الأربعاء)، إن علاقات السودان والسعودية ظلت طوال الوقت الذي مضى علاقات وثيقة تمتد في كافة المجالات سواء أكان للجوار وهموم الأمن العربي المشترك في الخليج أو البحر الأحمر، بالإضافة لعلاقات العائد بين الطرفين في الاقتصاد والاستثمار. واعتبر “علي الصادق” أن أكبر دليل على متانة العلاقات السودانية السعودية هو أن للمملكة أكبر استثمارات أجنبية في السودان. ومضى “الصادق” ليقول إن عمليات عاصفة الحزم التي تساهم فيها السودان وتقودها المملكة جاءت لتوسع العلاقات بين الجانبين، وترتقي بها إلى آفاق التنسيق السياسي والإستراتيجي. ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية أن تكون العلاقات بين الرياض والخرطوم رهينة بعمليات (عاصفة الحزم) فقط، معتبراً أن تحليلاً من هذا القبيل غير موضوعي. وأضاف قائلاً: (علاقات البلدين ظلت على الدوام ممتازة وليست ذلك الشيء العابر الذي يمضي مع الأحداث). وقال إن اعتبارات الإقليم والجوار، والمصالح المشتركة إضافة للهم الأكبر الذي جمع الدولتين مؤخراً، جميع هذه الاعتبارات تؤكد أنه بإمكان البلدين العمل سوياً على المستوى الثنائي والإقليمي، فيما تظل علاقات المصالح المشتركة هي التي تربط بين شعبي البلدين.
اتفاقية على مقاس الأزمة
وأجرى رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” بالعاصمة السعودية “الرياض” يوم (الثلاثاء) جلسة مباحثات رسمية مع خادم الحرمين الشريفين، الملك “سلمان بن عبد العزيز آل سعود” تتعلق بمناقشة الأوضاع في المنطقة، فضلاً عن مناقشة العلاقات الثنائية بين الخرطوم والرياض. واختتمت المباحثات بتوقيع أربع اتفاقيات اقتصادية الأولى تتعلق بمشروع اتفاق إطاري لمعالجة العجز الكهربائي، ومحطة كهرباء البحر الأحمر (1000) ميغاواط مع الخط الناقل. وتزامن توقيع الاتفاقية الخاصة بمعالجة العجز الكهربائي مع اعتراف وزارة الكهرباء بوجود فجوة في التوليد الكهربائي مع بداية فصل الشتاء، ما قاد لبرمجة قطوعات غير معلنة وشبيهة ببرمجة القطوعات القاسية التي عانت منها البلاد في يوليو الماضي. وقال وزير الدولة بوزارة الموارد المائية والكهرباء “سراج محمد عبد الباقي”، لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية لسمنار التوليد الخاص والمستغل الذي نظمته الوزارة، في نفس يوم توقيع الاتفاقية بالعاصمة الرياض، قال إن وزارته تواجه اختناقات وتحديات ماثلة تتمثل في توسيع الشبكة وتحديات الوقود ومقابلة استحقاقات صناديق التمويل وكيفية اقتسام التكاليف بين المستهلك والمنتج، بجانب توقف بعض المحطات بسبب عدم انسياب التمويل وتعثر تسديد القروض. وكشف عن خطة المعالجات السريعة التي وضعتها الوزارة للعام 2016 التي بنيت على مرجعيات الخطة العامة للدولة، والمتمثلة في تشييد محطات توليد إسعافية للتوليد الحراري لإنتاج (50) ميقاواط بتكلفة ملياري جنيه، وإكمال توليد الكهرباء من نهري عطبرة وستيت وإكمال مشروع كهرباء البحر الأحمر، واستئناف محطة الفولة بجانب العمل على توليد (20) ميغاواط من الطاقة الشمسية.
اتفاقيات واتفاقيات
وتتعلق الاتفاقية الثانية بمشروع اتفاق إطاري بشأن الإسهام في خطة إزالة العطش في الريف السوداني وسقيا الماء للفترة من 2015م إلى 2020م، والاتفاقية الثالثة مشروع اتفاق إطاري بشأن تمويل مشروعات سدود، (كجبار والشُريك ودال). ووقع الاتفاقيات الثلاث وزير المالية والتخطيط الاقتصادي “بدر الدين محمود” ووزير المالية السعودي الدكتور “إبراهيم بن عبد العزيز العساف”، بحضور الرئيس “البشير” والملك “سلمان”. وتم توقيع اتفاقية رابعة تتعلق بالشراكة في الاستثمار الزراعي بين وزارة الموارد المائية والكهرباء، ووزارة الزراعة في المملكة العربية السعودية، في مشروع أعالي عطبرة الزراعي، وقعها وزير الموارد المائية والكهرباء “معتز موسى سالم”، ووزير الزراعة السعودي المهندس “عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي”. يشار إلى أن سد أعالي نهري عطبرة وستيت في شرق السودان سيوفر حوالي (300) ميغاواط من الكهرباء، إضافة لمياه تكفي لزراعة مليون فدان من الأراضي الزراعية.
حضور رفيع
وحضر جلسة المباحثات والتوقيع على الاتفاقيات وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور”، ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي “بدر الدين محمود”، ووزير الموارد المائية والكهرباء “معتز موسى”، ووزير الدولة برئاسة الجمهورية “فضل عبد الله، ووزير الدولة برئاسة الجمهورية مدير عام مكاتب الرئيس برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء الفريق “طه عثمان الحسين”، ورئيس الأركان بجمهورية السودان الفريق أول مهندس “مصطفى عثمان عبيد”. ومن الجانب السعودي الأمير “فيصل بن بندر بن عبد العزيز” أمير منطقة الرياض، والأمير “متعب بن عبد الله بن عبد العزيز” وزير الحرس الوطني، والأمير “محمد بن نايف بن عبد العزيز” ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأمير “محمد بن سلمان بن عبد العزيز” ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور “مساعد بن محمد العيبان”، ووزير المالية الدكتور “إبراهيم بن عبد العزيز العساف”، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور “عصام بن سعد بن سعيد” الوزير المرافق، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور “عادل بن زيد الطريفي”، ووزير الخارجية “عادل بن أحمد الجبير”.