النائب المستقل،عن الدائرة 15 غبيش وأبو رأي ، عضو لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطني، في حوار مع (المجهر السياسي)
** نعم لابد من إشراك المستقلين في الحوار الوطني!
** ثنيت ترشيح بروف “إبراهيم” لرئاسة البرلمان لأنني مستقل، وأنا بعيد عن هذا الاتهام!
** ليست لي علاقة بالوطني.. وهو أخلى لي الدائرة (15) مثلما اخلي (70) دائرة أخرى!
** ليس هناك ما يمنع تسجيل جماعة أنصار السنة كحزب سياسي، إذا رأينا أنه قد آن وقت التسجيل!
حوار – سوسن يس
كان لافتاً ، مع بداية دورة المجلس الوطني الحالية، العدد الكبير للنواب المستقلين الذين دخلوا المجلس من دوائر جغرافية مختلفة.. ما عده البعض أحد مؤشرات تميز المجلس الجديد، في حين شكك آخرون في استقلالية بعض هؤلاء النواب.. وبرهنوا حينها على ذلك بقيام نائب الدائرة 15 ، غبيش وأبو رأي ،الباشمهندس “مصطفى مكي” بتثنية ترشيح مرشح المؤتمر الوطني البروف “إبراهيم أحمد عمر” لرئاسة المجلس.. (المجهر السياسي) التقت الباشمهندس “مكي” ،وطرحت عليه تساؤلات عديدة حول دوافع دعمه لمرشح الوطني، وتخليه عن مرشح المستقلين ،حينها ، “المبارك العباس”.. وحول تقييمه للحوار الوطني الجاري ،ولأداء البرلمان خلال الفترة الفائتة ، وغيرها من المحاور.. فإلى مضابط الحوار..
{ بعد تعثر استمر طويلاً أخيراً انطلق مؤتمر الحوار الوطني.. فكيف تنظرون إلى الحوار الجاري؟
– في الحقيقة الحوار الوطني تأخر كثيراً ومنذ خطاب الوثبة في يناير 2014م وحتى الآن ، مر زمن طويل كان من الممكن أن يصل خلاله السودانيون لمراحل متقدمة جداً في الحوار، وكان من الممكن أن يكونوا قد فرغوا منه.. ولكن أن تأتي أخيراً خير من أن لا تأتي.. وبعزيمة وبإصرار من الأخ الرئيس انطلق الحوار في 10 أكتوبر.. وصحيح ان المشاركة لم تكن مكتملة، وما زال هناك غياب لبعض القوى المؤثرة، لكن ما زال الباب مفتوحاً للجميع للالتحاق بالحوار، ونرجو أن يكون هذا الحوار مختلفاً عن الحوارات والاتفاقيات السابقة.
{ في تقديرك.. ومن خلال المعطيات والمؤشرات الموجودة، هل سيكون مختلفاً؟
– يجب أن يكون مختلفاً لأن المرحلة التي يمر بها الوطن تتطلب ذلك.. ولقد جرب السودانيون حوارات كثيرة منذ مؤتمر المائدة المستديرة في 1965م وحتى نيفاشا في 2005م كأكبر حوار وطني.. ولكن في هذه المرة، فان الوطن يمر بظرف دقيق ، يتطلب أن يسمو الجميع فوق خلافاتهم، وفوق جراحاتهم، وأن يأتوا بحل شامل للسودان. فمن المؤسف، أن نكون ما زلنا نتناقش في قضايا لها (60) عاماً، مطروحة منذ الاستقلال ومنذ الحكم الوطني مثل قضية الهوية وقضية الدستور الدائم وقضية نظام الحكم. هذه القضايا تأخرت (60) عاماً ويجب أن لا تتأخر أكثر من ذلك.
{ في الأيام الفائتة قرأنا تصريحات صحفية لبعض النواب المستقلين احتجوا فيها على عدم إشراكهم، في الحوار.. هل صحيح ، انكم غير ممثلين في الحوار وان هناك احتجاجات؟ .. وهل ترى ضرورة لإشراك النواب المستقلين في الحوار الوطني؟
– نعم صحيح.المستقلون كتلة مقدرة ومعتبرة داخل المجلس الوطني.. هي الكتلة الثالثة في المجلس وكلهم جاءوا من دوائر جغرافية بزخم كبير من الدعم الجماهيري، وأرى أنه لابد من إشراكهم في الحوار.. وهم مؤثرون ولهم نفوذ ولهم جماهير.. ويجب أن يكون لهم دور في الحوار الوطني وفق آلية لإشراك المستقلين. ولقد حاول المستقلون داخل المجلس الوطني أن تكون لهم كتلة، لكن وبحسب لائحة المجلس فان هذا غير متاح لهم.. ولقد سعوا لتعديل اللائحة حتى يتم استيعابهم في كتلة.. ولكن لم يمر التعديل ، وبقوا نواباً مستقلين متفرقين بلا كتلة تجمعهم.. أما الحوار الوطني فطالما هو يمثل كل أهل السودان.. فيجب إيجاد آلية لتمثيل نواب المجلس الوطني المستقلين.
{ كيف يعمل النواب المستقلون الآن داخل البرلمان.. هل بصورة فردية أم إن هناك تنسيقاً بينهم؟
– هناك تنسيق بين المستقلين.. ولكن هم ليسوا كتلة معترفاً بها داخل المجلس، بحسب لائحة المجلس الوطني.
{ أعتقد أن اللائحة تمنع المستقلين من التجمع في كتلة لأن تكتلهم ينافي الاستقلالية.. ويسحب عنهم استقلاليتهم تلقائياً.. فهل هذا صحيح؟
– لا.
– لائحة المجلس الوطني تستند إلى أن الكتل للأحزاب وليس للأفراد، ولقد سعى المستقلون لتعديل هذه الفقرة حتى يتسنى استيعابهم في كتلة، ولكن التعديل لم يمر وتم اعتماد البند القديم الذي يقول بأن الكتلة للأحزاب.. ولكن تم رفع عدد الأفراد الذين يتاح لهم تشكيل كتلة إلى (15) فرداً.. ومع ذلك ما زال للمستقلين صوت مسموع ،وما زالت الفرصة متاحة لهم للتعبير عن رأيهم.
{ في الأيام الأولى للمجلس الوطني نشرت تصريحات صحفية عن أن المستقلين داخل البرلمان يسعون لتكوين حزب سياسي تحت مسمى حزب التكتل السوداني.. فهل يسعى المستقلون، حقيقة ، لتكوين حزب سياسي؟
– لا علم لي بذلك.. ما عندي فكرة.
{ باشمهندس “مصطفى” هناك من يتشكك أو يشكك في استقلالية بعض أو معظم النواب المستقلين الموجودين داخل البرلمان.. وفي حوار صحافي كنا أجريناه مع النائب المستقل “برطم” تشكك في استقلالية بعض النواب.. وتساءل في السياق عن كيف يقوم الباشمهندس “مصطفى مكي”، وهو نائب مستقل بتثنية ترشيح مرشح حزب المؤتمر الوطني لرئاسة المجلس البروف “إبراهيم أحمد عمر”؟
– وهذه هي الاستقلالية. أنا أصلاً مستقل، لذلك ثنيت ترشيح بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” لأنني مستقل ومستقل في رأيي.. وأرى أن البروف “إبراهيم أحمد عمر” هو الأكثر تأهيلاً لقيادة المجلس.. لذلك ثنيت ترشيحه، ولعل بعض المستقلين صوتوا له كذلك.
{ لكن ما كان يراه الكثيرون هو أنه طالما دفع المستقلون بمرشح لرئاسة البرلمان.. فالطبيعي كان أن تقوموا بدعم مرشح المستقلين.. وإلا فلماذا قمتم بترشيح المستقل “المبارك عباس” إذاً، إذا كنتم ستدعمون مرشح حزب المؤتمر الوطني.. أم إن “العباس” تم ترشيحه من قبل أفراد، ولم يكن هناك تنسيق بين المستقلين لترشيحه.. أم ماذا؟
– السيد “مبارك عباس” رشحه أفراد.. وأنا أكن كل التقدير والاحترام لـ”برطم” ولـ”العباس” ولكل النواب المستقلين، ولكل أعضاء المجلس الوطني.. ولكن هذه رؤية كل شخص حسب ما يراه.
{ إذن من منطلق استقلاليتك قمت بتثنية ترشيح بروف “إبراهيم”؟
– ولقناعتي بكفاءته في قيادة البرلمان كذلك.
{ لكن هناك من يفسر الأمر بأن صلتك بالمؤتمر الوطني كانت وراء قيامك بهذه الخطوة؟
– لا.. بالعكس.. أنا شخصياً، “مصطفى مكي”، ما عندي أي علاقة بالمؤتمر الوطني، لا حالياً ولا في الماضي، ولست عضواً به ولم أكن يوماً عضواً به.. ولكن الكثير من النواب المستقلين كانوا أعضاء في المؤتمر الوطني، وقد تكون هناك خلافات محلية لهم مع الوطني دفعتهم للترشح في الانتخابات كمستقلين بعد أن رفض المؤتمر ترشيحهم.. أما أنا شخصياً فبعيد عن هذا الاتهام.
{ لكن علاقة حزبك الذي تنتمي إليه.. أو علاقة جماعتك جماعة أنصار السنة المحمدية.. بالمؤتمر الوطني هي التي أتاحت لك الفوز في الدائرة.. بالتأكيد؟
– نعم أنا أصلاً أتيت من جماعة أنصار السنة المحمدية، وهي جماعة غير سياسية وغير مسجلة كحزب سياسي فما كان عندي طريقة إلا أن أنزل كمستقل.
{ نزلت كمستقل لأن الجماعة غير مسجلة كحزب سياسي؟
– لأنها هي جماعة وليست حزباً سياسياً أصلاً.. هي جماعة دينية وجماعة ذات رسالة.. لذلك الدستور لا يتيح لها المشاركة كجسم سياسي.. لذلك ترشحنا كمستقلين ولكن (جايين بهذه الخلفية).
{ وجئتم أيضاً بدفع المؤتمر الوطني.. فهو أخلى لكم الدوائر؟
– نعم المؤتمر الوطني أخلى الدائرة كغيرها من (70) دائرة أخرى، في السودان، اخلاها الوطني . وذلك في إطار تنسيقي وإطار برنامج سياسي بيننا وبين الوطني.
{ باشمهندس كيف تقيم أداء البرلمان خلال الفترة الفائتة؟
– حقيقة أداء البرلمان خلال الفترة الفائتة ورغم أن الدورة مدتها كانت شهرا، ولكن البرلمان أستطاع أن يفرض وجوده- خلالها -في الساحة السياسية والإعلامية ،بأدائه.. وأفتكر أن أداءه متميز ،حتى الآن.. وخلال عطلة المجلس ، كذلك، قامت اللجان بدور فاعل . والدليل على ذلك الوجود اليومي للمجلس، ولتحركاته في وسائل الإعلام المختلفة.. وفي اعتقادي أن هذا المجلس، إن شاء الله ،سيكون مختلفاً، لما يضمه من كوادر وخبرات، ولأن حيثيات وعوامل نجاح هذا البرلمان موجودة، فهو يضم خيرة الخبرات السياسية وكبار رجالات الجيش والشرطة والأمن، وكذلك التمثيل الحزبي فيه كبير، وكذلك العدد الكبير من المستقلين وتأهيلهم وتجاربهم.. وكذلك قد يكون واحداً من الأسباب مسألة إثبات الوجود والانتقادات الكبيرة التي توجه للمجالس السابقة، بأنها كانت ضعيفة الأداء. وأخيراً أفتكر أن قيادة المجلس الآن قيادة خبيرة وواعية. ومعروف أن البروف من الذين لا يخافون في الحق لومة لائم.. لذلك نتوقع النجاح للمجلس.
{ لكن في الجهة المقابلة هناك أيضاً مؤشرات كبيرة تؤكد أن أداء المجلس لن يكون مختلفاً عن أداء المجالس السابقة.. مثلاً الأغلبية الميكانيكية للمؤتمر الوطني داخل البرلمان، ما زالت موجودة.. وستكون هي الحاكمة والمسيطرة وستسير البرلمان في الاتجاه الذي تريد.. وبالتالي سينعكس ذلك على دوره الرقابي والتشريعي؟
– والله أفتكر أن المؤتمر الوطني نفسه الآن طارح برنامجاً ضخماً للإصلاح. وبرنامج الإصلاح هذا إذا أراد المؤتمر الوطني من الآخرين أن يسندوه، فيجب عليه أن يسنده هو أولاً. ودور المؤتمر الوطني أصلاً إصلاحي رقابي، وما دام الدولة في أعلى مستوياتها، وما دام الحزب الحاكم فيها، وهو الوطني، يطرح برنامج الإصلاح، فلذلك أتوقع من نواب المؤتمر الوطني أنفسهم أن يكونوا نواباً مختلفين، وأن يعملوا على دعم هذا الإصلاح، وأن يعبروا عن آرائهم بصراحة. والآن الإصلاح هو مطلب الدولة والحكومة ومطلب البرلمان والشعب.. كل الأطراف متفقة على برنامج الإصلاح، ولذلك نتوقع من الحكومة وكذلك من المؤتمر الوطني، أن يتيح لأعضائه مساحة أكبر لإبداء الآراء.
{ إذن أنت ترى أن أغلبية الوطني لن تعوق حركة البرلمان ولن تقف أمام دوره التشريعي والرقابي؟
– البرلمان وضعه وتركيبته ليست تركيبة الحكومة والمعارضة، حتى يتغلب أعضاء الوطني أو يستخدموا أغلبيتهم الميكانيكية.. هو برلمان وفاقي.. وأعتقد من المهم أن يكون له دور في المرحلة المقبلة.. ولا أعتقد أن الوطني سيعتمد على أغلبيته الميكانيكية.. لأن هذا ليس في صالح المؤتمر الوطني ولا في صالح الدولة.. وإنما سيعتمد على برنامج الإصلاح. لأن هذا هو البرنامج المطروح أصلاً من الدولة ومن الحزب الحاكم المؤتمر الوطني.
{ باشمهندس هناك سؤال: طالما أن جماعة أنصار السنة ليست لديها إشكالية أو موقف من ممارسة العمل السياسي.. فما الذي يمنعكم من تسجيل الجماعة كحزب سياسي.. لماذا تضطرون لخوض الانتخابات كمستقلين وتدخلون البرلمان (باللفة) كمستقلين بدلاً عن خوضها مباشرة كجماعة أنصار سنة؟
– هو ليس دخول (باللفة)، ولكن جماعة أنصار السنة تفتكر أن ما تقوم به من دور هو أكبر من دور الحزب وأكبر من العمل السياسي. الحزب دوره قد يكون محصوراً في النشاط السياسي، أما الجماعة فتقوم بدور ضخم جداً. الجماعة لها انتشار تقريباً في كل أرجاء السودان.. لدينا عدد ضخم جداً يفوق الـ (4) آلاف مسجد. لدينا نشاط اجتماعي ضخم متمثل في كفالة الأيتام ودعم الفقراء ومعاهد التعليم، فهي تدير عملاً ونشاطاً اجتماعياً كبيرا. في حين أن العمل السياسي يكون محصوراً في إطار معين، ومع ذلك الجماعة لا تغفل الدور السياسي، فهي توفق بين الاثنين. رسالتها أكبر من أن تنحصر في العمل السياسي، وفي نفس الوقت الجماعة لا تريد أن تهمل العمل السياسي، لذلك جاءت هذه الصيغة الوسط، التي يتاح عبرها لأفراد الجماعة ممارسة العمل السياسي في حين تبقى الجماعة في رسالتها الكبرى المتمثلة في العمل الدعوي والتربوي والخيري.
{ الجماعة تخشى على نفسها من الإنهاك في العمل السياسي إذا سجلت كحزب سياسي، وإغفال الجوانب الأخرى؟
– لا.. العمل السياسي عرضة لتقلبات وعرضة لمواقف، أما العمل التربوي الكبير الذي تقوم به الجماعة، فهو عمل ثابت وراسخ ولا يتأثر بمواقف سياسية ولا يتأثر بتغيير حكومات، لذلك تريد الجماعة أن تركز على هذا الجانب، وفي نفس الوقت وطيلة السنوات السابقة وطيلة تاريخ الجماعة ومنذ (جبهة الميثاق الإسلامي) هي موجودة في الساحة السياسية في شكل تحالفات، في شكل مرشحين مستقلين، في شكل دعم مرشحين آخرين، بطريقة أو بأخرى الجماعة مشاركة في العمل السياسي طيلة تاريخها ولم تنزو أصلاً من مجال العمل السياسي.
{ إذن لا نتوقع أن تقوم الجماعة بتسجيل نفسها كحزب سياسي في أي مرحلة مقبلة؟
– لا ليس هناك ما يمنع أن تسجل الجماعة كحزب إذا رأت الجماعة في مؤسساتها الشورية أنه حان وقت التسجيل كحزب. أما الآن فما توافقت عليه الجماعة في أجهزتها الشورية وفي قيادتها وقواعدها أن تنتهج هذه الصيغة.. صيغة ممارسة العمل السياسي من خلال الفرص المتاحة والتركيز على الدور الأساسي للجماعة في المجال الدعوي والتربوي ومجال العمل الخيري.