شهادتي لله

حتى لا تلحق "باسندة" بـ"حلايب" !!

ما يحدث على حدودنا الشرقية مع “إثيوبيا” من تعدٍ (ممنهج) على أراضي السودان بمساحة تمتد لآلاف الأفدنة المزروعة، أمر لم يعد يحتمل صمت الحكومة المركزية، والاكتفاء بتصوير العدوان بأنه صادر عن عصابات (شفتة) إثيوبية، كما ظل يردد لسنوات عدد من مسؤولي الخرطوم والقضارف . 
يجب الانتباه والتصدي بكل حسم للتغول على حدود دولتنا حتى لا يتكرر سيناريو “حلايب” في محلية “باسندة” بولاية القضارف، فتكون تبعيتها لسيادة السودان فقط باعتمادها كل أربع سنوات دائرة انتخابية وفق خريطة المفوضية القومية للانتخابات، دائرة وهمية بلا أصوات من داخل (المثلث) المحتل في شمال شرق البلاد!! 
لا ينبغي التفريط مجدداً في (شبر) داخل حدودنا المعلومة والموثقة بالخرائط في المؤسسات الدولية منذ استقلال السودان في العام 1956م، ولا يجوز التجاوز عن حقوق الشعب السوداني بدعوى أن “إثيوبيا” (جارتنا وحبيبتنا .. ووقفت معانا .. وعندنا معاها مصالح)!! هذا كلام عاطفي لا مكان له من الإعراب في قضايا السيادة الوطنية.
صحيح أننا نحب الإثيوبيين كشعب، كما أنهم يحبوننا ويبجلوننا أيما تبجيل – هم وإخواننا “الإريتريون” – أكثر من غيرهم من الشعوب العربية والأفريقية، ولكن هذا لا يبيح لهم كما استغفلونا في (سد النهضة)، وقبله بنوا في صمت مريب عدة خزانات صغيرة على بحيرة “تانا” فانحسر النيل هذا العام وسينحسر العام المقبل، أن يستغفلوننا أيضاً في أراضينا فيزرعون أكثر من (33) ألف فدان تابعة لولاية القضارف، وينشئون المعسكرات فيها، ويقيمون (15) قرية محمية بالأسلحة الثقيلة وقوات نظامية يقال إنها عصابات (شفتة) !!
ويزعم البعض أن “إثيوبيا” ساندت السودان، حسناً قد يكون ذلك باستقبالها المستمر لوفود الحكومة المشاركة في اجتماعات القمم الأفريقية، أو جلسات المفاوضات مع الجنوب أو قطاع الشمال، لكن الذي أعلمه ويعلمه غيري من أصحاب (الملفات) أن الحكومة الإثيوبية دعمت بقوة خيار (انفصال) جنوب السودان، بل وكانت “جوبا” .. الفنادق والمنتجعات والاستثمارات بعد الانفصال هبة الإثيوبيين وصناعتهم قبل اليوغنديين .
ليس هذا فحسب بل إن الجيش الشعبي التابع للحركة الانفصالية، كان يتلقى مساعدات لوجستية حتى خلال سنوات الانتقال بموجب اتفاقية السلام من إثيوبيا. واللواء “عمر نمر” الذي كان مدير أمن النيل الأزرق في تلك الفترة يعلم أن (دبابات) الجيش الشعبي التابعة لقيادة “مالك عقار” كانت تتم صيانتها في إثيوبيا دورياً، وقد نشرت صحف الخرطوم هذه المعلومات في حينها .
في اجتماعات القمة (الأفريقية الفرانكفونية) التي انعقدت صيف العام 2010 في مدينة “نيس” الفرنسية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وكنت مرافقاً مع الزميل د.”ياسر محجوب” للنائب الأول السابق للرئيس الأستاذ “علي عثمان محمد طه” الذي كان يرأس وفد السودان في القمة، كان لافتاً أن الرئيس الإريتري “أسياس أفورقي”، وليس الإثيوبي، هو الرئيس الأفريقي الوحيد الذي رفض فكرة انفصال (جنوب السودان)، وقالها بوضوح خلال الجلسات !!
لا أحد في السودان يريد توترات مع الجارة الكبرى “إثيوبيا”، ولا نزاعات حول حدود وأراضٍ، ولكن على الإخوة الإثيوبيين أن يحترموا علاقاتنا المميزة معهم، أن يحترموا طيبتنا، لا أن يستغلوها .
ولاشك أن الجيش السوداني الباسل الذي يقاتل الآن بكتائب مدرعة لرد الشرعية على أرض  “اليمن”، قادر على صد أي عدوان عن أرض السودان، سواء كان من (الشفتة) أو غيرهم .
“إثيوبيا” على عداء مستحكم مع “إريتريا” وصراع مستفحل مع “مصر” محشود بتهديدات عسكرية بضرب (سد النهضة)، فليس من الحكمة أن تستعدي السودان، شعبه إن لم يكن حكومته !!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية