حوار (السبت)
يبدو أن الأمور قد وصلت إلى نقطة الانطلاق بشأن مبادرة الحوار الوطني؛ اكتملت الترتيبات وقضي الأمر وسيكون الافتتاح بعد غدٍ (السبت). المؤكد أن هناك حاضرين وأن هناك غياباً؛ القوى المشاركة ستحضر وتقول قولها والقوى الممانعة ستركن إلى مبدأ لا بدورك لا بحمل بلاك ! إذ ستعيد تطبيق موقفها أثناء الانتخابات الأخيرة إذا لم تشارك فعلياً، لكنها كانت لكل العملية مثل حبل الوريد وعدت صناديقها وأنفاسها، وكان أولى بها أن تشارك وهو أفضل من تلك المواقف المرتبكة، إذ لم تفعل المقاطعة شيئاً.
الحوار المنتظر على أي حال ليس من الحكمة محاكمته قبل أن ينطلق والصحيح أن يقاس الحدث بالمخرجات، فمثل أن لمن قاطع حقه في الرفض والتخذيل فالأمانة تقتضي أن يكون لمن يشارك دوره في عرض رؤيته التي قد تحمل جديداً ولاسيما أن الهموم كبيرة والمشكلات عريضة، وقد يكون من بين القوم من يحمل مبادرة صحيحة ومقترحاً ذا فائدة، فبعد سنوات وسنوات من الحرب ولغة العنف يدرك الجميع أن البندقية آخر الآمر لم تنجز لهذا البلد وأهله شيئاً سوى اتساع الثأرات وتراجع الخدمات والتنمي، مع ارتفاع أرصدة وعوائد حاملي السلاح مما قوض نزاهة العمل المعارض بالإجمال.
سيكون اليوم الأول إجرائيا وبروتوكولياً خالصاً ربما لجلسة افتتاحية ومخاطبات وهذا ليس مهماً، ولكن الأهم أن ينقل الحوار الداخلي بين الحضور للشعب وعموم الناس والذين متى تلمسوا الجدية وحسن العرض والاهتمام بقضاياهم، كلما وثقت نفوسهم بالمنشط ولتجاوزوا جدل الاستفهامات حول من حضر ومن غاب، فآخر الأمر ليس مطلوباً أن يحضر الجميع وهو إجراء معقد -أي الحضور – لاسيما أن غالب المعارضين للأمر لا يملكون قراراً في هذا فضلاً عن عدم امتلاكهم رؤية أصلاً، فهم صناعة لإثارة القلاقل والمتاعب ولو كان المنشط دعوة للحصول على دعم وسلاح قدمها الشيطان لما تخلف منهم أحد.
الحكومة وحزبها الحاكم وحلفاؤها وكل الملتزمين بهذا الحوار الوطني عليهم التعامل مع السانحة بالجدية اللازمة وإحسان الفكر وتجويد المقترحات، والانتقال بها من بعد إلى مراحل التنفيذ والتنزيل الفعلي على الأرض، على صعيد الملفات السياسية أو الخدمية وهموم الناس، مع أهمية التأكيد على أن عملية الحوار نفسها عملية مستمرة ويجب إفهام الناس أنها ليست ورشة وسمناراً ينفض في يومين بينهما ساعات للأنس ! الحوار الوطني الذي جرى في أكثر من دولة وقطر وسوابق أفريقية وعربية، كان عملية استمرت لسنوات كانت القضايا تناقش خلالها والبرامج والإصلاحات تنفذ لذا فإن الصبر مطلوب والاجتهاد كذلك.
عموماً ففي كل خطوة بركة وكل أمر السودانيين خير، طالما أن ما بينهم كان كلمة الخير وخيار السلام والصالح العام.