مسألة مستعجلة
الحوار الشامل أجدى
نجل الدين ادم
يومان فقط تفصلنا عن بدء عملية الحوار الوطني وما تزال أمواج الرفض والقبول والتفكير تتلاطم في بحر المشاركة، ينبغي أن يكون حاضراً أمامنا وبشكل كثيف أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل كل مشكلات البلاد. قبول الحكومة بمبدأ الحوار الشامل لمناقشة كل مشكلات البلد بمشاركة الجميع من معارضة وحركات وأحزاب وغيرها، في حد ذاته اختراق كبير يمكن أن يساهم حسن النوايا في تحريك الساكن والتوصل إلى نقاط تلاقي في كل المشكلات.
توقفت عند المفردة التي أطلقها عضو آلية الحوار (7+7) “كمال عمر” القيادي بالمؤتمر الشعبي وقد سخط منه عدد من قيادات الأحزاب وعلى ما يتحدث به من مواقف، توقفت عند مفردته التي قال فيها بأنهم أسقطوا من قاموسهم مقولة الحوار بمن حضر، وأنهم حريصون أن يلتحق الجميع بالحوار حتى ولو بعد ثلاثة أشهر. بالتأكيد هذا حديث جيد يؤكد حرص الحكومة والآلية على الحوار طالما أن ما قال به أصبح توجهاً عاماً .
من محبطات بدء الحوار رغم التفاؤل الذي أبداه عدد من أعضاء الآلية، هو حالة التباين والاختلاف في المواقف من المشاركة داخل الأحزاب الكبيرة الأمة القومي والاتحادي (الأصل)، فالأخير تتباين المواقف عنده بشكل كبير، ففي حين يقول نجل “الميرغني” مساعد أول رئيس الجمهورية السيد “محمد الحسن”، بأنهم سيشاركون وسيمثل هو الحزب في الحوار بدلاً من والده على أن يلحق بهم في أي وقت، يقول القيادي بذات الحزب وهو الناطق الرسمي باسم الحزب “إبراهيم الميرغني” وعلى لسان مولانا، بأنهم لن يشاركوا في الحوار البتة. أمر غريب أن تتشابك خطوط الاختلاف ويكون القرار معلقاً في الهواء، أتمنى أن يحسم الحزب الاتحادي الأمر فهو حزب عريق، فهذه الحالة لا تجعل الجماهير تحترمه وتحترم قراراته، وأهل البيت الواحد يختلفون في هذا الأمر!.
في الجانب الآخر رغم أن السيد “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة القومي اقترب بشكل كبير من المشاركة، إلا أن رياحاً هبت عليه وغيرت من موقفه النهائي، خلاصة لقاء مساعد الرئيس نائب رئيس المؤتمر الوطني “إبراهيم محمود حامد” ونجل “المهدي” العميد “عبد الرحمن” المساعد بالقصر الرئاسي، مع “المهدي” في “القاهرة” أول أمس انتهى إلى رفض الإمام المشاركة في الوقت الراهن، وبقي خيار أن يلحق بجلسات الحوار الوطني لاحقاً قائماً.
الإمام لا يريد أن يخزل أصدقاءه في نداء السودان وغيرهم ويُعجل بالعودة والمشاركة، وفي نفس الوقت لا يريد أن يحرج ابنه الذي أسهم بقدر كبير في تحريك موقفه المتصلب. أتمنى أن يلتزم الإمام بالحد الأدنى بوعده ويأتي ولو بعد شهر للمشاركة.
أما الحركات المسلحة فتبدو هي الأبعد من مسرح المشاركة الآن رغم أنها كانت الأقرب من خلال موافقتها المبدئية. الرئيس “إدريس دبي” لم يقطع العشم بإقناع “مناوي” و”عبد الواحد” و”جبريل” و”أبو القاسم”، والكل بات الآن على أمل الانتظار، وربنا يكضب الشينة وتلتحق الحركات بالحوار.
على أي حالة يبدو وبشكل واضح أن هناك حراكاً واسعاً بغية أن يكون كل الرافضين جزءاً أصيلاً من عملية الحوار، ومبدأ إرسال الحكومة وفداً رفيعاً لمقابلة “المهدي” أمر جيد وسيكون له تأثيره الايجابي ولو بعد حين.
عموماً ومع الأجواء التفاؤلية المصحوبة بشئ من الإحباط نسبة لغياب الكثيرين، فإن مبدأ مواصلة الحوار مع هؤلاء وإمكانية إلحاقهم سيكون طوق النجاة الأخيرة للحوار. وفي ذلك وحسب هذا التفاؤل يستحسن أن يتفق الجميع في الجلسة الأولى للحوار على تأجيله ولو لشهر واحد، طالما أن نسائم إمكانية مشاركة الرافضين تهب من كل الاتجاهات، والله المستعان.