ما قصرتو
انتهت محصلة اجتهاد الهلال والمريخ في بطولة الأندية الأفريقية بالخروج من الدور نصف النهائي أمام بطلي الجزائر والكنغو الاتحاد ومازيمبي، ورغم أن خروج ناد من مثل هذه المرحلة محتم لجهة أن كاس البطولة يمنح لفائز وحيد وعلى البقية المغادرة، ولذا لا أرى سبباً موضوعياً لكل هذه الضجة وخيرها في غيرها وهي عبارة مواساة نيرة وبالغة.
اللاعبون بالفريقين والجمهور يشكرون على هذا الجهد و(ما قصرو) فقياساً على بيئة العمل الرياضي وظروفه البائسة إدارياً وإشكالات إدارة الأمر عبر منظومة إدارية، ظلت تسيطر دون أن يكون لها حق بفكر يتطور أو ضبط تتوافر فيه قيم العدالة، فضلاً عن إعلام رياضي صار أقبح من كل شيء، إذ لا منجز له سوى تمجيد الأشخاص وشحن الجمهور ووضع حواجز بين التنافس الشريف والفعل الضار، وكلها ضمن أسباب أخرى لا يوجد مثلها عند الأندية الأخرى المنافسة فكان من الطبيعي أن تكون النهايات كما نرى، لأن الفوز لا يتحقق بالهتافات و(علي الطلاق) و(رجالة) لأنك بالمقابل تنافس رجالاً يتفوقون عليك بالرؤية والعلمية.
إن كان الجميع يرغبون في بطولات أفريقية فلابد من وجود أندية حقيقية وليس (حواشات) وممالك لرجال الأعمال يملكون فيها اللاعبين والمدربين والإعلاميين، أندية للجميع وبالجميع مع اتحاد يدير الكرة وفق رؤية لا تجامل أحداً أو جهة وللأسف فكل هذا غير متوفر فكان من الطبيعي أن يتحول السودان وملاعبه إلى مكب لنفايات من يسمون محترفين، ولأنه لا توجد مؤسسات للبناء الرياضي فمن الطبيعي أن يكون متوسط أعمار اللاعبين بين الثلاثين والخمس وثلاثين، ومثل هذا اللاعب يخرج لسانه في منتصف المباراة وإن أكملها يكملها وهو أعمى ومطشش.
النتائج المتحصلة حالياً من أندية القمة كرم فوق الحدود وإنجاز يفترض إزجاء الشكر لله في ظل العشوائية الفاشية في هذا الوسط الذي تتجنب الدولة الاقتراب منه بأكذوبة أهلية الرياضة، لأن لا أهلية ولا يحزنون وإنما هي فئات احتلت مقاعدها وعمرت فيه فإن خرج شداد دخل معتصم جعفر والعكس، فيما يظل مقعد أسامة عطا المنان ومجدي شمس الدين محفوظاً وكأن حواء السودان لم تنجب غيرهما. وعلى هذا قس على بقية اللجان من التدريب إلى التحكيم ويستطيع أي مشجع أن يذكر لك الأسماء لأنها هي نفسها من عشرة إلى عشرين عاماً !
عندما تتم إصلاحات جذرية وكبيرة ويتم إصلاح أعطاب الإدارة وتتم تنقية الإعلام الرياضي من أقلام الضلال والإفك، وعندما تؤسس مدارس سنية وتوجد بيئة رياضية ذات أثر ونجاح يمكن حينها القول بالأسى والأسف. ولكن كما قلت في هذه الأوضاع فهذا إنجاز مدهش بأن يكون المريخ هو ثالث بطولة أندية الأبطال الأفارقة والهلال رابعاً.