"صلاح كرار".. بكاء المنزلة الضائعة!!
بقلم – عادل عبده
طعم المرارة لا يفيد العميد (م) “صلاح كرار” عضو مجلس انقلاب 30 يونيو 1989 عندما يعلن بالصوت العالي بين الفينة والأخرى بأنه صاحب الجلد والرأس في نظام الإنقاذ!! وأنهم الذين وضعوا مداميك السلطة الحالية!! بل يمضي “كرار” في قوله إن هنالك من سرق منهم الإنقاذ ويصفهم بالمودعين الذين ركبوا القطار في اللحظات الأخيرة!!
لا جدال أن المنطق وحقائق الأشياء تخذل “صلاح كرار” في إفاداته المتكررة، فالشاهد أن الإنقاذ كانت تغييراً عسكرياً من نوع آخر، أبطاله الإسلاميون بقيادة دكتور “الترابي” و”علي عثمان” وكوادرهم في الأيديولوجية الواحدة.. لم يدر “كرار” أن ماكينة الإنقاذ كانت تضم المخرجين والممثلين، وأنه كان من ضمن القائمة الثانية وأن دوره كان مرسوماً على نطاق محدد وبذلك كان الرجل ضيفاً على قطار الإنقاذ رغم الزخم الكثيف الذي وجده في السنوات الأولى من خلال موقعه في رئاسة اللجنة الاقتصادية يومذاك!! كانت الضربة قوية وموجعة على كنانة “صلاح كرار” عندما خرج من الإنقاذ كما يخرج السهم من الرمية، حيث لم يتوقع ذلك في خضم قناعاته بأنه من رجال الأوتاد في السلطة فإذا به يجد أن مهمته السياسية قد انتهت في محطة سفير السودان لدى البحرين!!
تموت الخرافة والأوهام وتبقى الحقائق والمسلمات.. كان ضباط مجلس انقلاب الإنقاذ مجرد ديكور في الحكم، وكان الواحد منهم يجسد معادلة الصامولة في الترس، بينما كانت السلطة الفاعلة في يد دهاقنة الأيديولوجية الإسلامية الموجودين وراء الكواليس.
كان السيناريو المعد يحتم تطبيق تلك الإجراءات والخطوات، وكان هؤلاء القادة لا يكترثون إلى الإشارات التي تتحدث عن هويتهم.. لم يستطع “صلاح كرار” ابتلاع بديهية أن اسمه مكتوب في دفتر الإنقاذ في وظيفة ممثل، لذلك عزّ عليه هذا التوصيف الذي لا يناسب دوره يوم التحرك والهالة السياسية التي أحاطته أيام السلطة، لذا لم يكن أمامه سوى أن يتعذب على الأطلال وأن يطلق البالونات الصاخبة في الهواء، فالرجل يعاني من البكاء على المنزلة الضائعة، فالشعور الذاتي بالانتكاسة والحسابات الخاطئة يجعل المرء فاقداً للتوازن.
كانت تقديرات “صلاح كرار” غير صحيحة عندما توهم بأنه من أصحاب الأسهم في الإنقاذ.. وكان ينبغي عليه أن يدرك من هم الذين يمتلكون هذه الخصائص، فالرجل فصل من الخارجية بطريقة غير لائقة وكان عليه أن يأخذ درساً من هذه الواقعة، وكان أيضاً يجد مشقة كبيرة في مقابلة رئيس الجمهورية حسب إشاراته الشخصية.
“صلاح كرار” جعل من نفسه ضحية على امتياز لا يمتلكه.. صدق الرجل أن الإنقاذ انقلاب عسكري بحت، لكنها كانت مثل قول النغمة الشعبية يومذاك (كيزان لابسين كاكي).
طعنة الأحبة لم تلمس “كرار”، لكنه انزلق في التوهمات من فرط لمعان البرق الخادع!!