(كليك)
تطورت وسائل وسائط التواصل الاجتماعي وطورت الامتدادات الواسعة للانترنت واستخداماته والمتاحات التي وفرها في مجالات النشر تعريفات معنى الإعلامي والصحفي، وطرحت غير مرة فرضيات أسئلة مهمة حول المعايير الضابطة للنشر الالكتروني وهل هو مطلق السراح من أي قيود وضوابط، وهو ما تفوق به الإعلام الجديد على الصحافة الورقية أم أن لأسباب كثيرة فإنه من المهم واللازم أن يتحرى هذا الإعلام ضوابط قانونية وأخلاقية حتى لا ينفلت، لاسيما أن شواهد كثيرة الآن تشير إلى عدم ارتياح حول كثير سالب يرتبط في العادة بسهولة الفبركة وتوجيه الاتهام، عبر نشر غير مسؤول يقوم في العادة على حرية المساحة للشخص المدون والذي قد يكون محض (نك نيم)، لكنه يهدر كرامة أشخاص وحكومات وأحزاب لمجرد اللهو مرات ولأغراض الاغتيال مرات ولأغراض التسويق في عوالم النضال أحياناً.
ولا تبدو حتى الآن الوضعية القانونية للإعلام الجديد قد جرى تكييفها بالشكل الملائم، صحيح أن هناك قوانين في أكثر من دولة وبلد ولكن الأصح أن التعامل مع تفلتات النشر في هذا المجال، صار التعامل معها يتم وفق معالجات أخرى لاستدراك إشكالات النشر غير المسؤول في هذا، وأقرب الأمثلة لما نحن بصدده الحالة التي يواجهها المواطن السوداني “وليد الحسين” مالك موقع الراكوبة والموقوف لدى السلطات السعودية، بسبب مخالفة تتعلق بتزوير وثيقة ما ونسبتها إلى المخابرات أو الاستخبارات السعودية، حسب أرجح الروايات المتداولة مؤخراً ورغم أن الكثير من انتهازيي السياسة والمعارضة حاولوا الاصطياد في الحدث بيد أن تلك سكرة سرعان ما أفاق منها الجميع، إذ انصرف الصائحون إلى أسافيرهم وبقي “الوليد” قيد الحبس والتوقيف في ظل ظروف لن تجعل حتى من قضيته ذات أولوية في الوقت الراهن هناك مما سيطيل أمد بقائه، ربما
السلطات السعودية اتخذت موقفاً لا يلومها بشأنه أحد، فقضايا الأمن الوطني في كل العالم لا توجد فيها مساحات للافتراضات ذات النوايا البنفسجية، حتى أن بلداً مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكبار حلفائها في أوربا، طاردوا مالك موقع (ويكليكس) وضيقوا عليه الفرج والمساحات لنشره ما اعتبرته تلك الدول ملفات تمس أمنها القومي. وكما معلوم فإن النشر تم على الانترنت ولذا فمن الواضح أن عهد النشر (بالإهمال) لم يعد منجياً لمن يأتيه، وواضح أن أي ضربة (كليك)على أي حاسوب إنما هي تحت الفحص والنظر، ومن الواضح أن التسامح السابق بشأن النشر في المدونات والمواقع الالكترونية قد ولى عهده، فعلى كثير من الناشطين الذين يمارسون السياسة في الانترنت إدراك هذه التطورات فاليوم لم يعد كالأمس.
بالنسبة لقضية صاحب موقع الراكوبة وأما وقد هدأت فورة التكسب بقضيته سياسياً وإعلامياً من جانب المعارضة والحركات المسلحة، وبدون تشنج ولمصلحة الرجل ولصالح طي هذا الملف، فمن الأسلم أن تصلي المعارضة أو أي جهة أخرى من أجل أن تتوسط السلطات السودانية عبر المؤسسات النظيرة – واعتقد أن قولي مفهوم – لتجاوز هذا الأمر، تسليم الرجل للحكومة السودانية أفضل الخيارات والحلول.