مسألة مستعجلة
حوار شعبي مع أمريكا
نجل الدين ادم
مبادرة فريدة نفذتها منظمات المجتمع المدني بكافة مكوناتها لإدارة حوار مختلف مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن العقوبات الاقتصادية الأحادية المفروضة على البلاد، وأعداد كبيرة من المواطنين قد تنادوا واصطفوا بصورة حضارية أمام السفارة الأمريكية بمقرها بسوبا، وهم يحملون مذكرة منددة بالعقوبات الاقتصادية التي فرضت على البلاد خلال السنوات الماضية، ويوضحون فيها حجم الأضرار البالغة التي لحقت بالشعب والبلد. وقفزت المذكرة التي تسلمها مندوب السفير الأمريكي بالخرطوم بمطالب رسمية بتعويض الشعب السوداني على ما لحق به من ضرر وأذى، بسبب تلك العقوبات سيئة الذكر.
هذا التفاعل الشعبي وعلى قلته إلا أنه يبعث برسائل قوية سيما وأن أمريكا ظلت تتحدث عن النظام وليس السودان، بمعنى المقصود في كل هذه الهالة الكبيرة والقومة والقعدة هو النظام الحاكم. وهنا وعبر هذا التجمع الشعبي ترسل منظمات المجتمع رسالة بأن المتضرر ليس النظام أو الحكومة وإنما الشعب السوداني المغلوب على أمره، وكيف وصل به الحال الاقتصادي من تردٍ. هذا التوجه الجديد من المنظمات يختلف تماماً عن التوجه الحكومي رغم أن الاثنين يسعيان إلى رفع العقوبات الاقتصادية. وجه الاختلاف أن التعبير الشعبي دائماً ما يكون أقوى خاصة لدى الغرب وأمريكا لذلك أرى أن الخطوة الاحتجاجية هذه سيكون لها ما بعدها، وأن الإدارة الأمريكية لن تضع هذه المذكرة الساخنة بأي حال من الأحوال في أدراج مغلقة، بل أتوقع أن تعمل على تحليلها تحليلاً دقيقاً وتستند عليها في خطوتها المقبلة. وبالتأكيد ستسهم هذه المبادرة في التعاطي الأمريكي مع الشأن السوداني بعد هذا الحصار الاقتصادي القاسي.
مزيد من التحركات الشعبية يمكن أن يكون لها مردود إيجابي وفاعل في اتجاه معالجة عقبة هذا الحظر الاقتصادي.
شكراً للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وكل المنظمات والفعاليات الشعبية والأهلية التي شاركت في هذا التعبير الشعبي الراقي.
مسألة ثانية .. كم سعدت لشهامة الحاج السوداني الذي أصيب في انهيار الرافعة بالحرم المكي الأسبوع الماضي وهو يرفض التعويض الذي أقره العاهل السعودي الملك “سلمان”، تخيلوا أن يرفض إنسان تعويضاً حلالاً ودلالاً قدره مليون ونصف جنيه، إنها عزة النفس والإيمان بالقضاء والقدر، هذا المبلغ كان فرصة ذهبية لتنقل هذا الحاج إلى آفاق جديدة من بحبوحة الحياة، لكن نفسه أبت أن يكون التعويض على قضاء الله وقدره فاختار الرجل غنى النفس ورفض غنى الدنيا الزائل، تقبل الله منك أيها الحاج الورع وعوضك رضاء الله وقبوله، وسلمت من كل أذى ومتعك الله بالصحة والعافية وقد كنت فخراً لبلادك وشعبك.
أخيراً التحية لكل حجاج بيت الله العظيم الذين بدأوا مناسك الحج ونتمنى لهم حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً، ويعودون سالمين إلى أهلهم وكل عام وأنتم بألف خير.