من وحي الأخبار

"موسفيني "

ستشكل زيارة الرئيس الأوغندي “يوري موسفيني” للسودان وهبوطه لأيام معدودات في الخرطوم ستشكل الحدث الأكبر على صعيد إعادة قراءة أوراق الدبلوماسية السودانية في محور تحركاتها نحو جوارها الإقليمي، ليكمل البروفيسور “إبراهيم غندور” إكمال بناء وضعت قواعده على ثوابت التعاطي الإيجابي مع الآخرين في المدى الجغرافي البعيد أو القريب وهو ثابت الخرطوم والذي عصمها منذ سنوات من الانزلاق في أتون عواصف التحالفات الإقليمية، بل وتمسكت بصرامة عن التورط في أي إشكالات تتعلق بدول أخرى وهو ما ظهر في مثالين شاخصين الأول كان تطورات الموقف من مصر والثاني حرب الفرقاء الجنوبيين إذ ظل السودان ملتزماً بمواقف موضوعية كسب في آخرها بمحصلة نقاط ذهبية يحصدها الآن بشعار وموجبات اللعب النظيف سياسياً وإعلامياً ، وحتماً دبلوماسياً.

(أوغندا ) لم تكن بعيدة عن ثوابت هذا الحرص، وصحيح أنها بعد قيام دولة الجنوب لم تعد دولة جوار وتماس حدودي لكنها كانت عاملاً مؤثراً في معطيات الأمن القومي السوداني لاعتبارات تخصها هي ومن خلال سياسة دعم الحلفاء وهم في هذه الحالة الدولة الوليدة في جوبا حيث روابط الأيديولوجيا وحلف القادة الجدد الممتد في نطاق جغرافي من منطقة البحيرات إلى حواف المرتفعات الإريترية وسهل(ساوا) المنبسط وقد تغيرت معادلات كثيرة فككت تلك الكتلة بحيث صار بعض ركائزها حلفاء صادقين لحكومة البشير تأسيساً على عودة الوعي وواقعية السياسة التي في شواغل العلاقات بين الدول لا توجد بشأنها قطعيات ملزمة.

·    زيارة “موسفيني” للخرطوم إشعار أكيد بانتقال (كمبالا) و(الخرطوم) إلى خانة ومربع جديد من التعافي وحتماً فذاك محصلة جهود سياسية دبلوماسية وأمنية بقدر ما قلل من ذيوع تفاصيلها مبدأ (قضاء الحوائج بالكتمان) ففي مثل هذه الحالات من الأفضل الحرص على معدات التطبيب وسير العملية وفترة النقاهة بعيداً عن مسالك العواد خلصت نواياهم أم قاموا لها بفعل الواجب ،ويقيني أن هذا التطور الحميد إنما هو محصلة جهد مكثف وعميق المهم فيه الآن دعمه بحسن النوايا والثقة ورده إلى أصول الجهد الجماعي المؤسسي فالرئيس “موسفيني” عجنته نائبات صروف السياسة واكتسب دربه ونظامه الحاكم بما يجعله يتخذ مواقفه بناء علي تقديرات  لا يمكن إطلاقاً ردها لغير قراءة عميقة لما يريد أن يفعل وينتوي.

زيارة الضيف (الأوغندي) الكبير ستنعكس على محاور عديدة أولها وأكثرها ظهوراً سيكون في ملف العلاقات مع جنوب السودان فـ(كمبالا) هي العاصمة الأكثر تأثيراً على توجهات “سلفاكير” وهو ما يردني لما سبق وأن ذكرته بشأن مواقف بلادنا الرصينة مما يجري جنوباً وهو الموقف الذي بالضرورة أسهم في تحسن مرشدات التوجهات الأوغندية نحو السودان وعموماً فليكن الجميع جيدي المشاعر نحو ضيفهم لأن الزيارة بأنشطتها الرسمية وغير الرسمية قد تسهم في تعزيز المتفق عليه مسبقاً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية