نذر أزمة بسبب قرار نقل دلالة الخرطوم التاريخية لـ(سوبا)
بعد اقتراب ساعة الصفر ورفض السماسرة
تقرير – عماد الحلاوي
(5) آلاف أسرة سيصبح مصدر معيشتها في كف عفريت بعد أيام قليلة .. إنهم جملة العاملين بدلالة العربات، فهم ضباط سابقون وموظفون معاشيون وشباب خريجون ومحامون وميكانيكية وغسالون وبائعات شاي وطعام.
فقرار ترحيل دلالات السيارات العاملة من الصحافة والمريديان بوسط الخرطوم إلى موقع الدلالة الجديد بمنطقة (سوبا)، قابله العاملون بتلك الدلالات بالرفض التام وحجتهم في ذلك أنهم لم يستشاروا كما لم يمنحوا الفرصة الكافية لتوفيق أوضاعهم…واتفقوا على أن المكان الجديد المخصص لهم بسوبا لا يسعهم جميعاً.. ولا تتوفر به الخدمات الآن.
مبررات
الجهات المختصة بمحلية الخرطوم، قالت إن القرار جاء بناءً على عدم ملاءمة الموقعين السابقين للعمل بحكم أن النشاط يقوم بصورة عشوائية، مما ترتب عليه إغلاق الشوارع بفعل تكدس السيارات، فضلاً عن تفشي الظواهر السالبة والمخالفات.
وأشارت إلى أن الموقع الجديد بسوبا والبالغة مساحته (44000) متر مربع تمت تهيئته حتى يتم العمل فيه بصورة تتلاءم مع النشاط الاقتصادي، وجار العمل في الإنارة والحمامات وخدمة المياه، ولوحت باتخاذ إجراءات قانونية تجاه المخالفين لقرار ترحيل الدلالة إلى الموقع الجديد.
آراء.. وآراء !
سوق دلالة العربات جنوب مدينة الصحافة وتحديداً في منطقة السوق المركزي ليس مجرد عربات تزحم امتداد شارع أفريقيا كل يوم (جمعة)، وتعكس ذلك المظهر السلبي وعشوائية الوقوف الخاطئ على جنبات ذلك الطريق، بل هو سوق يعمل فيه أكثر من (5) آلاف تاجر ووسيط ،وبه مئات المكاتب المتخصصة على امتداد منطقة السوق المحلي.. سوق ضخم ترتفع نسبة رأس المال المتحرك داخله إلى أكثر من (50) مليار جنيه سوداني.
شروط للتنفيذ
النقيب شرطة (م) “أحمد محمد إدريس” أمين مال لجنة تسيير السوق، قال إن دلالة العربات بالصحافة والتي يزيد عمرها عن الـ(20)عاماً، الآن تدار بها معاملات مالية تمثل (40%) من أموال التداول في الاقتصاد السوداني.
وسوق بهذا الحجم لا يمكن أن يأتي قرار نقله بين ليلة وضحاها.. بلا تخطيط ومشورة، فالسوق الجديد بسوبا تنعدم فيه خدمات (الكهرباء والمظلات والمساجد) ويفتقد الأمن .
واشترط “إدريس” لالتزامهم بتنفيذ قرار الانتقال توفر مكان يسع الجميع، ومنحهم مهلة كافية لتوفيق أوضاعهم خاصة وأن بعضهم سدد قيمة إيجارات كبيرة للعقارات التي يعملون بها.
“الناجي بابكر” (صاحب معرض) دلالة العربات بالصحافة وهي الأكبر في السودان ويمثل نافذة أمل للمعاشيين وطالبي الرزق الحلال، وهو عبارة عن بوصلة كبرى، قال بشأن قرار النقل: نحن لا نرفض التنظيم إذا كان المقصود من القرار التنظيم، ولكن الزائر للسوق الجديد يتأكد له ضيقه وبالتالي التعجل وعدم العدالة في نقله وتضرر الجميع، لذلك نطلب من الجهات المسئولة مراجعة القرار أو التشاور معنا في كيفية إنفاذه.
“محمود محمد الطيب” (سمسار) يقول: أمر السوق يهم أكثر من (5) آلاف أسرة، وهي جملة الأسر التي تعتمد في معاشها على هذا السوق، ولكن أمر ترحيله ناقشته الجهات المسئولة مع (7) فقط، فأعلى هؤلاء مصالحهم الشخصية على مصالح غيرهم ،فتضرر الجميع من التسرع في تنفيذ القرار .
“حسن مختار” (سمسار)… قال : لنا (40) سنة نعمل بهذا السوق بعد كل هذه السنوات الآن تطاردنا الشرطة كأننا مجرمون، فتصادر كراسينا وتخلع لوحات سياراتنا إضافة إلى إغلاق مكاتبنا بأمر الشرطة .
رأي قانوني
الأستاذ “مكاوي إبراهيم” – المحامي- رئيس لجنة تسيير سوق دلالة العربات بالصحافة، قال إن الذين سجلوا من أصحاب المعارض لإيجاد أماكن لهم بالسوق الجديد بسوبا يزيد عددهم عن الـ(900) إلا أن الأماكن المتاحة بالسوق (110) … وتساءل …أين سيذهب البقية؟
سوق دلالة السيارات الحالي بالصحافة أنشئ قبل (21) عاماً بالتحديد في العام 1994 بقرار من معتمد الخرطوم حينها العميد “يوسف عبد الفتاح”، وبعد قرار محلية الخرطوم بإغلاق دلالة المريديان الأقدم في الخرطوم، انخرط سماسرتها بالعمل في دلالة جنوب الخرطوم، التي ينتظرها قرار ترحيل إلى منطقة سوبا ومعها دلالة البكاسي بسوق مايو، فهل تعجل السلطات بترحيل هؤلاء أم تستجيب لموجة الرفض الواسعة من أهل الشأن، بغية التوصل لصيغة مقبولة للطرفين؟.