رأي

مسألة مستعجلة

سمح الغناء في خشم سيدو !!


نجل الدين ادم


لا أدري .. هل ماتت الدراما والمسرح وقبرت أم أنها ما تزال بسبع أرواح وحالة غياب الدعم واهتمام الدولة يتقاذفها ويجلعها غائبة تماماً عن الساحة، في مصر القريبة تجد الدراما والسينما والفن إحدى الموارد الأساسية للدخل القومي لسبب بسيط، هو أن الدولة على أعلى مستوياتها تهتم بالدراما والسينما وتفرد لها الميزانيات وتُشرع لها من التشريعات ما يمكنها من أداء دورها على أكمل وجه، ولكن عندنا هنا لا تأتي الدراما مطلقاً في قائمة اهتمامات الدولة وتدعها تتخبط لترسو حيثما ترسو حتى لو كانت المحصلة النهائية رثاءً فذلك لا يهمها تماماً. جيل الدراميين الجديد في ظل هذه الظروف المحبطة تجده في جزر معزولة لا احتكاك خارجي وتوأمة ولا غيرها من هذا القبيل، الجيل الذي سبقهم برغم ضعف الإمكانيات وانعدام الاهتمام الرسمي إلا أنهم كانوا يعافرون في الفضاء الخارجي للدراما ويخلقون علاقات مع رصفائهم في خارج القطر واستطاعوا أن يتركوا لنا سيرة.
أتمنى أن تتبنى وزارة الثقافة بالتنسيق مع الوزارات ذات الصلة مشروعاً لإحياء الدراما والتمثيل، بقليل من الاهتمام الرسمي يمكن أن تبعث الروح في المرحومة الدراما والمسرح السوداني.
مسألة ثانية .. صحيح كما يقال (سمح الغناء في خشم سيدو)، وأنا استمع لاغنيتين من أغاني الزمن الجميل للفنانين القامتين “محمد عثمان وردي” و”عثمان حسين”، بصوت شاب رغم اجتهاده لكنني شعرت بأنه ارتكب جريمة في هؤلاء وهم أموات. تساءلت في نفسي هل ما زالت رقابة المصنفات الفنية والأدبية ومباحثها موجودة في هذه الساحة العريضة التي يريد كل من يحفظ خمس أغاني أن يدخل سوق الغناء ويغني. أذكر أن المصنفات كانت في السنوات الماضية حريصة إلى حد كبير في الحفاظ على حقوق الشعراء والملحنين والمغنيين وقد بنت في ذلك جهازاً رقابياً ضخماً يبحث ويراقب حتى في أشرطة الكاسيت الموزعة في السوق لمنع إعادة نسخ (الماستر) منها تزويره بغية التكسب، أما فيما يلي الغناء فإن المصنفات الفنية والأدبية  كانت تحرس القنوات حتى لا تقع في فخ المحظور، وقد أفلحت بشكل كبير في ضبط أي محاولة للسرقة الفنية.
صحيح أن هناك عدداً من الشباب المغنين استطاعوا أن يعبروا من خلال تريد أغناني الغير لكن تجد أن هؤلاء اتبعوا الطرق السليمة لتقنين ذلك، بجانب تعزيز تجربتهم بالمتابعة مع أهل الشأن في الوسط الفني، فوجد أداؤهم رضاءً واسعاً. أعجت بتجربة الراحل “محمود عبد العزيز” رغم محاولات تكسير مقاديفه في البداية، إلا أنه استطاع أن يحي عدداً كبيراً من أغاني الحقيبة وبصورة جيدة بعد إدخال بعض المعالجات. “محمود” أفلح في ربط الجيل الجديد بالغناء الجميل في الزمن الجميل وهو يعيد لهم تلك الأغاني الخالدة فكانت تجربة تستحق الوقوف عندها.
ولكن في النهاية تبقى مقولة (سمح الغناء في خشم سيدو) إذا كان الفنانون الجدد مجرد مقلدين والسلامة والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية