لكم الله يا أهل دارفور
فضيحة بكل معاني الكلمة، وسلوك شائن وتصرف أخرق ذاك الذي أقدم عليه بعض المنتمين للحركات الموقعة على وثيقة الدوحة أثناء حفل رسمي لتوقيع بعض عقود العطاءات لمشروعات تنفذها السلطة الإقليمية لدارفور، كان مسرح الحدث فندق (السلام روتانا) بالخرطوم وأمام حشد من الضيوف الأجانب والمراسلين ووسائل الإعلام، إذ كما هو متداول ومنقول تفجر شجار بين فرعي حركة العدالة ووجد رجل مثل الدكتور “السيسي” نفسه في موقف لا يحسد عليه أمام ضيوفه! ما جرى مسلك يجب أن يدان وأن تتم المحاسبة عليه لاسيما إن ثبت تورط أحد الوزراء الاتحاديين في العراك، فمثل هذا لا يستحق أن يولى من أمر الناس شيئاً، فإن كان هو يتصرف مثل ذاك فما يفعل من هم دونه! والحقيقة أن مثل هذه التصرفات تقوض كل فرص التعاطف مع تلك الجماعات وتظهرها بمظهر الجاهل المتفلت وتسيء لكامل الإقليم و(ناسه مش ناقصين) حتى يدفعوا فاتورة الإساءة للبلاد وسمعتها في السلم والحرب.
إن كانت ثمة خلافات تعود لفترة وجود تلك الحركات بالخارج أو خلافات لاحقة عقب تسنم السلطة واعتلاء صهوة السلطان وإمساك الصولجان، فإن مكان حلها ليس مثل هذه المناسبات، كما أن طريقة حلها كذلك ليست بهذا الأسلوب الفج المسيء لكل السودانيين وللحكومة نفسها التي تظهر الآن بمظهر العاجز على حسم هذه التصرفات لاسيما أن غالب المشاجرات والاشتباكات تقع للعجب من مسؤولين وتنفيذيين ودستوريين يفترض أن يكونوا محل القدوة والتعامل الحضاري غض النظر عن أسباب غضبهم وملابسات خلافهم مع الآخر، ثم وفوق هذا كله لا يبدو أن للأمر علاقة بواقع احتياجات الناس على الأرض في كل ولايات دارفور والتي حمل بعض هؤلاء المتهورين لواء قضيتها ربما لأسباب ليست لمصلحة الشعب والأهالي وإنما لإطماع ذاتية في الاستوزار والسلطة والمخصصات، وهي جماع النقاط الخلافية التي تجعلهم ينصبون حلبة للملاكمة والمصارعة في أفخم فنادق الخرطوم وأمام رموز السلك الدبلوماسي.
إن الدكتور “التيجاني السيسي” رئيس السلطة الإقليمية لدارفور رجل مفوض وفق القانون والدستور لممارسة سلطته وصلاحياته وعليه التخلي قليلاً عن هذه المثالية التي تغري به الآخرون إذ تفسر ضعفاً، فهو مسؤول أمام أهل دارفور والرئيس عما أوكل به وكلف، شاء من شاء وأبى من أبى ومن كانت له وسيلة للاعتراض والاحتجاج فليفعل ذلك بالطريقة الصحيحة، وما نراه الآن أن ثمة انفلات للأمر من يد “السيسي” وهو ما يلزم الحكومة بالتدخل بشكل حاسم وفاعل لكونها شريك أصيل ولها حق لا ينقص عن حق الفرعين المتصارعين، وإن كان أولئك لهم مشاكلهم الخاصة فلتتدخل الحكومة من أجل المساكين والضعفاء والمستضعفين الذين أوذوا في هذه القضية التي لم يعد أحد يتعاطف معها أو يؤمن بها ربما لأنها لم تورث البلاد سوى المشاكل والاضطرابات ولم تكسبها سوى أن كل حركة تلعن أختها وكل متمرد إما أن يقدم ويرفع فوق أعناق الرجال أو عاد لحربه ومشاكله.