مسألة مستعجلة
انتقائية وزارة الثقافة !!
نجل الدين ادم
قبل أيام خلت نشرت أمانة الإعلام بمشروع “كادوقلي” عاصمة للتراث السوداني بياناً مدفوع القيمة بصحيفتنا يتحدث عن المشروع والترتيبات التي تمت بشأنه، ديباجة المنشور أشارت إلى أهمية المشروع وما ينطوي عليه من فوائد وحددت ثلاثة محاور أساسية وهي المحور الفكري، محور الأنشطة والفعاليات الفنية والتراثية، ومحور البنى التحتية. توقفت عند المحور الأخير وهو غالباً ما يركز على المنشآت المصاحبة للمشروع من حيث البناء أو التأهيل، مثل المراكز الثقافية، المتاحف، المنتجعات السياحية، المسارح، حلبات المصارعة وحددت له محليات كادوقلي– الريف الشرقي – الدلنج – أبو جبيهة – أبو كرشولا- قدير – تلودي – والليري ومحلية العباسية تقلي. أحسست بأن هناك حالة انتقائية في التعامل مع هذه المشروعات بجانب وجود اختلال في موازين الاختيار، وأن الأمر كله في نهاية المطاف بيد العضوية المكلفة بهذا الشأن دون مراجعة من أي جهة عليا. وفي مثل هذه المشروعات يفترض معها أن تعلو الروح القومية في التعامل وتوزيع مثل هذه المشروعات ومراعاة الأهداف الكلية للمشروع الثقافي حتى لا يفقد معناه، وهذه النقطة قد تبدت لي من خلال هذا التوزيع الذي يُقصي أهل مناطق الثراء الثقافي ويزحم الخيارات بالانتقائية والمجاملة.
محليات أبو جبيهة وأبو كرشولا وقدير وتلودي والعباسية تقلي جميعها كانت في يوم من الأيام تابعة لمحافظة رشاد المعروفة تاريخياً أيام المحافظات، وعند إعادة التقسيم إلى محليات باتت مدن العباسية تقلي وأبو كرشولا تابعة لمحلية الرشاد، وخرجت أبو جبيهة وتلودي كمحليات قائمة بذاتها لاحقاً خرجت العباسية تقلي وأصبحت محلية قائمة بذاتها. وأخيراً وبعد الاعتداء الأخير عليها خرجت أبو كرشولا من صلب محلية الرشاد وأصبحت محلية قائمة بذاتها أيضاً، إذاً يبدو من خلال هذا التطور الذي أشرت إليه أن محلية الرشاد الأصل في تكوين تلك المحليات، لا اعتراض على ما تم وطبيعي أن يحدث تطور وتقسيم بفضل التوسع والتعداد السكاني ولكن من غير الطبيعي، أن يكون هناك تجاهل منظم للأصل الجغرافي ومشروع كادوقلي عاصمة للثقافة يوزع المشروعات ويُقصي محلية رشاد التي تحمل تاريخاً زاخراً وثقافة متجذرة في أن تُضمن بين المحليات التي تستحق إقامة بعض المنشآت بها، فإذا وقفت وزارة الثقافية بوصفها الجهة المشرفة على المشروعات على هذه التفاصيل دون أي مراجعة فهذه مشكلة، أما إذا لم تنتبه لهذا التوزيع المختل فإنها المشكلة الأكبر.
الثقافة يا سادتي لا تعزز بالتكتلات والمحاباة ولكنها تعزز بالقيم التي تحملها الشعوب ومناطقهم، رشاد قلعة ثقافة لا تخطئها عين ففي السياحة تكاد تكون على رأس قائمة المدن الأجمل، حيث الخزان الطبيعي الأول والفريد في العالم وهو الخزان القديم وسلوا الانجليز عنه، وفي مجال الإرث الثقافي فهي زاخرة ويشهد عليها جبل أبو عنجة الشامخ ودياب ورموز الثورة المهدية الذين اختاروها نقطة ارتكاز حيث تعاليم القرآن، ومن ناحية الإرث فهي غنية بالتراث الغنائي الجميل.
أرجو سيدي وزير الثقافة أن لا تطغى أهواء الأفراد والعلاقات العامة، في مثل هذه المشروعات التي تعبر عن إرث قومي لا رقعة جغرافية والله المستعان.