الحوار الوطني والمعارضة
انعقد الاجتماع الثالث للجمعية العمومية للحوار الوطني وجدد رئيس الجمهورية دعوته السابقة لكافة الأطراف للانخراط في الحوار وأكد قرار العفو الرئاسي الذي أصدره في حق كل من يحمل السلاح ووقف إطلاق النار خلال الشهرين القادمين للإنخراط في مسيرة الحوار الوطني، ويبدو عملياً أن مبادرة الحوار الوطني تنتقل الآن إلى خانة التحرك العملي ومرحلة المخرجات الفاعلة ولكن يجب مع ذلك القول بأن الطرف الآخر من الضفة لن يقبل كل هذه المحفزات وسيحاصرها بالتشكيك وهو ما حدث حتى قبل أن ينفض الناس من قاعة الصداقة، إذ مارس بعض الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب عادتهم في التقليل والتخذيل وقد أسفت أن يكون من بين هؤلاء قادة سياسيون كانوا في بداية هذا العمل محل الشورى والتشاور إن لم يكونوا من المنظرين والمؤسسين، ومشكلة التعاطي السياسي مع مثل هذه الأقوال أنه يفترض في الناس أنهم لا يقرءون ولا يحفظون.
لو أن الجميع يذكرون الجمعية الأولى واللقاء التشاوري والذي أمّه كل الكبار والكباتن في المعارضة عدا المعارضة لوجدوا أن كثيراً من المخرجات الحالية والمرشدات إنما هي ذات أفكارهم وآراءهم فلماذا يرفضونها الآن؟ وأذكر جيداً في ذاك اللقاء أن السيد الإمام “الصادق المهدي” – وكان أول المتحدثين- ورحب بالمبادرة وأثنى عليها وطالب بتدعيمها بمشروع لحزبه أعلنه في مايو 2013م تحت عنوان (مشروع ميثاق لنظام جديد) وتضمن تعبئة فكرية وسياسية وشعبية واقترح في كلمته الاتفاق على آليات الوفاق الوطني وهي حسب شرحه ملتقى تحضيري ويكلف بالتحضير للملتقى الجامع، زمانه، ومكانه، وأعضائه، وأجندته ، مع تكوين مجلس قومي للسلام يعلن مبادئ للسلام ويستعد للتفاوض مع القوى المسلحة ويشترك فيه بعد إبرام اتفاقية السلام ممثلو الجبهة السودانية الثورية إلى جانب الاتفاق على قيد زماني لهذه الإجراءات، وبالمناسبة فإن مسئولين بالحكومة والمؤتمر الوطني طالبوا الأمام بتحرير مقترحه حول مجلس السلام وتسليمه للتشاور حوله لكن الإمام ..طنش !!
المقترحات وسيرورة الأعمال وكثير من أنشطة الحوار الوطني لا يضعها القطاع السياسي للمؤتمر الوطني بل أكثر من ذلك إن صوت الحزب الحاكم نفسه لا يبدو مرتفعاً في هذه المبادرة وهذا توجه جيد وثمرات مثل آلية الحوار الوطني (7+7) وغيرها فهي قد أتت من قوى حزبية وليست من الحكومة، وأذكر ذات اللقاء الذي تحدث فيه الإمام “الصادق” تقدم فيه أحدهم برؤية تشكيل آلية الحوار من (7) شخصيات محايدة حسب ما اقترح ثم انتهى الأمر لتشكيل حزبي مناصفة بين المعارضة والأحزاب المشاركة في الحكومة وهو على ما أظن ما ذهب إليه ليلتها “عبد الله مسار” رئيس حزب الأمة الوطني الذي أشار بتكوين آلية تنسيقية عليا مناصفة بين أحزاب الحكومة وأحزاب المعارضة ويرأس اللجنة رئيس الجمهورية فيما انفرد الأستاذ “أمين بناني” بمناشدة الحركات المسلحة واقترح توفير ضمانات لهم وإعلان وقف إطلاق نار فوري من جانب الحكومة وفتح الممرات الإنسانية وتشكيل لجنة للاتصال بالحركات المسلحة.