الجنوب إلى أين؟!
يبدو، ما لم تحدث تطورات لاحقة، وقياساً على المتسلل لوسائل الإعلام وأعين المراقبين حول قضية جنوب السودان العالقة بين الإيقاد والإيقاد (بلص)، أن الأمور تمضي بوتيرة غير مريحة لكل الأطراف وبات في حكم المؤكد أن ينتهي الأمر إلى (آوت سايد) ضربة قون كما يقول معلقو الرياضة وكرة القدم ! وواضح أن المؤثرات الإقليمية تأخذ برقاب الفرقاء وتركيزهم إلى خارج مصلحة الشعب الجنوبي الباحث عن مجرد توقف المذابح وسيرة القتل بعد أن طوي كشحاً على آمال أخرى سيقت أمامه حينما أزف ميقات الاستفتاء، إذ طاف عليهم طائف منّاهم بالمن والسلوى قبل أن تصبح آمالهم كالصريم فطال ليلهم وما أذن لهم بصبح حتى اليوم.
حتى الساعات الأخيرة من نهار يوم أمس لا يبدو أن ثمة مخرج آمن للازمة، وكل أمة من الفريقين تلعن أختها، وواضح حسب أكثر الروايات دقة أن مواقف الطرفين متباعدة وصحيح أن مطلوبات التسوية قد لا تعجب هذا أو ذاك ولكن الأصح من ذلك أن إرادة حقيقية وفاعلة لا تبدو متاحة لأحد، ومواقف المتمردين تبدو أقل حرجاً، فهم لا يملكون حلفاء على الأرض يخشون بأسهم إن اكتمل الأمر، بينما على حكومة الجنوب دفع فواتير واجبة السداد لدول مثل أوغندا وأطراف أخرى أقلها سعراً متمردي الجبهة الثورية، فضلاً عن إحساس بالخزي الحقيقي أو المصطنع لدى جوبا، إذ تشير بعض قصاصات المعروض على الحل إلى تسمية أشخاص وشخصيات من خارج دولة الجنوب لإدارة شئون الولاية على أمور الانتخابات والمعالجات المتعلقة بتنظيم المال والمدفوعات، وهو ما يشي إلى توصل الوسطاء إلى أن ثمة فساد بحجم الفضيحة مما عاد ليس ممكناً معه الحديث عن أي ثقة، وسيكون المعني بالاتهام هنا نظام الحكم في الجنوب لأن المتمردين أصلاً في الغابات ولا يملكون حالياً من إدارة الدولة شيئاً.
إن أعجب ما في هذا المواقف حالة الجراءة الفجة التي وسمت مواقف حكومة الجنرال “سلفاكير” إذ كثر تعريضها بالسودان ولو من شخصيات ليست أساسية ومتنفذة، انظروا من يتحدث عن عدم حيادية أو شبهة تورط في الوحل الجنوبي ويقال هذا رغم أن الجنوب غائص حتى إذنيه في رمال جنوب دارفور، بدليل معركة قوز دنقو حتى التي ضبط فيها الضباط الجنوبيين بعلاماتهم وراياتهم ضمن قوة العدل والمساواة الهالكة، هذا بخلاف جنوب كردفان التي تقاتل بعد أن عمِّدت من جوبا ودعمت ومولت بل أن حتى (الكاكي) والزى المميز للمتمردين هو خالص للجيش الشعبي! ونقول هذا دون الإشارة لجوازات السفر الجنوبية والاستثمارات والإيواء على كافة المستويات لمتمردي دارفور وقطاع الشمال، وحق لنا التساؤل أي (شمال) هذا؟ هل هو شمال السودان أم شمال بحر الغزال!
ما اضمنه أن عموم السودانيين شعباً وحكومة يتمنون استقراراً كبيراً ودائماً لجنوب السودان ولكن يبدو أن الجنوب لا يرغب سوى أن يكون خنجراً في خاصرة هذا الوطن، وبعد أن دمرت الحكومة هناك بلادها فإنها لن تهدأ حتى تلحق ذات الدمار بالوطن الأم.. ..وهيهات