شهادة ليبية
يبدو أن وصول الاعتراضات الرسمية من السودان على وجود تحركات وأنشطة لحركات دارفور ببعض أجزاء التراب الليبي للإعلام قد أثار قلق بعض أطراف الحركات المسلحة، إذ سارعت حركة جيش تحرير السودان جناح (مناوي) للنفي ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الأستاذ عبد الله مرسال المتحدث باسم الحركة نفيه المغلظ الذي قال إنها اتهامات غير صحيحة، مشيراً إلى أنهم – أي حركته – يتواجدون في دارفور وهو ذات المنحى الذي ذهب إليه “مناوي” نفسه الذي بدا منزعجاً مما نقل. وفي تقديري أن هذا الذعر تأكيد وإن أراد الإنكار لأن وقائع الأمر وشهادة الشهود والشواهد كلها تقول، إن الحركات المسلحة التي صارت بنادق للإيجار لن تجد سوقاً لعرض خدماتها أفضل من التدخل بين الفرقاء في ليبيا المجاورة، بعد أن خرجت أمور الإمداد والتمويل في جنوب السودان والخطوط عن الخدمة.
حركة “مناوي” وإن لم يكن المتحدث باسمها يعرف ذلك خرجت وأخرجت من دارفور صاغرة ذليلة بعد أن سحقت في جنوب دارفور بمناطق أم قونجا وحجير، حيث استغلت الحركة إمكانيات المنطقة وجمعت أموالاً طائلة بالإتاوات من الأهالي والسكان المحليين وجثمت على صدرهم حتى طردت قوات المتمردين، ثم توالت النكبات على الحركة فتقل قائدها الميداني وقائد العمليات محمد هري في معارك بخزان أورشي في شمال دارفور ولهذا فمن المؤكد أن تصريحات الناطق باسم الحركة المتمردة إلهاء وعمل علاقات عامة لا علاقة له بالواقع.
تورط حركات دارفور في ليبيا ثابت وحسب مركز دراسات الجنوب الليبي للبحوث والتنمية فإن الحركات الدارفورية المسلحة انخرطت بثقلها في الصراع حيث يكشف الموقع النقاب عن تفاصيل لجنة شكلت غرفة عمليات مشتركة تكونت في في مارس الماضي، حددت فيه أسماء بارزة ومعروفة من حركتي “مناوي” والعدل والمساواة وسمت عيناً وتدقيقاً مواقع أنشطة ميدانية لتلك الحركات. وتذكر مقالة موثقة بالأوراق والمستندات وحرفياً(أن متمردي دارفور نفذوا دور الارتزاق في دارفور وفي جمهورية جنوب السودان وفي ليبيا، حيث حاربوا في البريقة ويجرون اتصالات مستمرة مع الجنرال “خليفة حفتر”)! وسميت كذلك قيادات معروفة من أسرة القذافي تنسق تلك الأنشطة.
إن تورط الحركات المسلحة المتمردة على السودان في النزاع الليبي انحيازاً لآي طرف إنما يؤكد حقيقة تلك القوى، وأنها بلا قضية وإنما هي حركات سالبة يتمدد أثرها الضار على الأمن القومي الإقليمي، ليشمل كل المنطقة لأنها وبشهادة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وكافة مباحث النزاع الدائر الآن في جنوب السودان، كانت شريكاً أصيلاً في الحرب الأهلية الجنوبية وقاتلت وقتلت في أعالي النيل والوحدة وهي الأمور التي لا تزال مستمرة، ولذا فمن تمام الحكمة أن تنتبه الحكومات كلها لمثل هذه الأعمال والتصرفات للأضرار المتوقعة على العلاقات السياسة والدبلوماسية والتهديد المحتمل لاستقرار علاقات الشعوب، إذ لا خطر أشد وأعظم على الإنسان من حامل بندقية يرفع لصالح من يدفع.