النشوف اخرتا
ءالكآبة الجماعية
سعد الدين ابراهيم
كما تعرفون أمشي في الأسواق وأستخدم المواصلات العامة والخاصة.. وأقعد مع ستات الشاي في عدة مواقع في بحري والخرطوم.. والأسبوع الماضي جابت ليها مشي الصالات وحضور حفلات .. بالمناسبة وبدون خجل غير موضوعي طربت جداً لغناء هابط أو مبتذل .. النص فيه غائب .. أي كلام مع اللحن الراقص.. كلام تافه جداً .. لكن للأسف الشديد أطربني وأبهجني وبشرت وقلت للفنان: أنت فنان.. تاري الغناء الهابط دا لذيذ كدة .. اكتشفت إن هذه حالة لدرء الكآبة التي انعكست علي من الكآبة الجماعية التي اجتاحت الجماهير في المدينة أو في العاصمة، لاحظت في وجوه الناس.. في عيونهم.. في تجاعيدهم وفي كلامهم وسلوكهم حالة من الكآبة الجماعية، هذه الحالة تمثلت مظاهرها في جلد الذات واتهامها..
مع شعور عجيب بالدونية، ولما كانت الحياة ماضٍ وحاضر وغد فقد اتجه الناس إلى التاريخ القديم إلى الحضارة الفرعونية ونشطنا في الاهتمام بآثارنا القديمة وأنهضنا مروي والبجراوية مرة أخرى .. أما الحاضر فلا أمل فيه فنحن نعيش في حُفرة .. والواحد والله لو مشى إسرائيل أحسن ليهو .. أما الغد فهو مهزوم لأننا فقدنا القدرة على التخطيط له ..
أما عن أسباب هذه الحالة من الكآبة الجماعية فحدث ولا حرج .. تشريد .. عطالة .. مع غلاء كاسح وجشع عام والدخل لا يزيد بما يرتق الخلل .. فأصبح اللهاث محموماً حول لقمة العيش .. ثم مع ذلك يرى الناس الانحرافات حولهم أصبح الفساد مثل الخبز .. وتعددت مراكز القوى وتتم السيطرة لأقواها.. الرشوة عادية .. والمحسوبية متاحة واستغلال النفوذ لم يعد عيباً، اجتاح الفساد مفاصل كل شيء ..
أصبح العنف عادة يومية يمارسه حتى الأطفال وقبلهم النساء .. أصبح العنف سمة لكل الجرائم .. اغتصاب الأطفال والتحرش بالضعفاء .. ظهرت حتى وسط المثقفين حالات من الإيمان بالدجل والشعوذة .. قدرية مفضية إلى التواكل والتأجيل في حسم الأمور ليس بسبب التروي والتمحيص إنما بسبب اليأس..
ضاعت فضيلة الثقة .. انعدمت الثقة بين الجماهير والقادة .. حتى أن هجوماً كاسحاً على القيادات والزعامات بحجة أنهم «طولوا»، اهتزت الثقة فأصبحت الظنون والشكوك والوساوس.. ديدن الناس..
هناك إحساس عام بالضياع !!
ما الحل؟.. كيف نخرج من حالة الكآبة الجماعية؟.. لا حل إلا في التغيير على إعادة المفقود والضائع والمأمول.. واعتقد أن بداية التغيير أن نغير ما بأنفسنا!