المشهد السياسى
اللقاء التفاكري حول إصلاح الدولة
موسى يعقوب
التقى السيد النائب الأول – الفريق بكري حسن صالح – ظهر الاثنين بأهل الصحافة والإعلام في (لقاء تفاكري) صريح وواسع حول مشروع إصلاح الدولة، وهو المشروع الثالث بعد مشروعي الحوار الوطني والمجتمعي اللذان يتوقع أو المطلوب أن تصب مخرجاتهما في (إصلاح الدولة) الذي قال السيد النائب الأول في خطابه أنه يشارك فيه كل الناس.
وبغرض المشاركة والمتابعة في ذلك الخصوص وبغرض (الوقفة مع الذات) بعد أكثر من ربع قرن مضى على الإنقاذ الوطني كان الاستهلال بالحديث عن (بوابة السودان الالكترونية) التي تتيح المعلومة للمتابعة والوقوف على التطورات لكل من دخل عبر تلك البوابة. وفي ذلك لأهل الإعلام والسياسة والبحث العلمي بصفة خاصة فرصة نادرة وكبيرة للحصول على المعلومة الشيء الذي ظلت الصحافة – بصفة خاصة – تشكو منه وتعاني.
اللقاء التفاكري الذي استمر لثلاث ساعات (15 – 12) ظهراً كان السيد النائب الأول بتقديري قد أبدع فيه رأياً وفكراً وتدفق معلومات علاوة على أريحية وفتح الباب للجدل والإضافة والإشارة إلى أوجه القصور وإلا لما كان ذلك لقاءً تفاكرياً.
ومشروع (إصلاح الدولة) وقد كان أحد ما طرحه السيد الرئيس في خطابه المعروف بالوثبة اشتمل على جوانب مختلفة ولها خصوصيتها ولم يقصر الأخوة الإعلاميون في الحديث عنها قبل الإشارة إلى ضرورة اهتمام الدولة بالصحافة والإعلام بشكل عام وهو ما يؤرق أهل المهنة ويغض مضاجعهم.
ويشار هنا إلى الحديث عن (الخدمة المدنية) التي تأثرت بعاملي (التمكين) والسياسة.. وكلاهما مما أحدث خللاً في الخدمة المدنية التي عرفت بأنها الأفضل في أفريقيا بعد الاستقلال ورحيل المستعمر.. فـ(التمكين) لم يتح لها فرصة أن تنعم بكل الكفاءات وحسب المقدرات، كما أن سيطرة الوزير على الأمر في الوزارة أبعدت دورة الإدارة في القيام بواجبها كما كان الحال في السابق، إذ كان (الوكيل) ومنصبه دائم ومستقر إلى حد كبير كان سيد الموقف في الأداء الفني والعام.
ويبدو أن السلطة أيضاً وهي تتحدث عن إصلاح الدولة قد أدركت ذلك بحيث جاء في حديث الفريق “بكري” ذلك النهار أن الخدمة المدنية أحد مطلوبات الإصلاح، وعليه فالتمكين لا مكان له في دولة المستقبل وإنما الكفاءة والتخصص واختيار الأفضل.
أهل الصحافة والإعلام عندما تتاح لهم الفرص لا يقصرون أن يلقوا بما في أيديهم وذلك شأنهم لا ريب، وعليه فإن البعض لم يقف عند الحديث عن الفساد والثراء الحرام والتحرير الاقتصادي، وإنما وصل الغلاة للقول بـ(إعادة هيكلة الدولة) وهو ليس بالشأن الهين وإنما هو – كما في رد السيد النائب الأول شأن يرتبط بـ:
{ مخرجات الحوار الوطني والمجتمعي.
{ ثم الدستور..
فالأمر يختلف عن غيره.
أما الفساد والثراء الحرام والتحرير الاقتصادي والعلاقات الخارجية فلكل كانت معالجاته والتعامل معه على النحو الأفضل، وقد كان كل واحد منها محل إثارة للهواجس والوساوس في الصحف والإحالة هنا إلى الصحف السياسية وتصريحات السياسيين.
الفريق “بكري حسن صالح” في خطابه الموجه لشركائه الحضور من أهل الصحافة، وقد كان الخطاب طويلاً ومفصلاً ذكر وأشار إلى قيام مفوضية مكافحة الفساد علاوة على تعديل في قانون الثراء الحرام.
كما ذكر أن الفقراء ومحدودي الدخل (في العين والبال) في كل الأحوال إلا أن من هم أعلى درجة وكسباً يعاملون بما يحقق التحرير في الاقتصاد شأن ما يجري في البلاد الأخرى إسهاماً في التنمية والخدمات.
وعن العلاقات الخارجية في الظرف الحالي فيقول إن ضرورات المرحلة تتطلب العمل بها في إطار ما هو مشترك من منافع ومصالح ومتغيرات بطبيعة الحال.
لقد شهدنا في الآونة الأخيرة دخول القطب الروسي في مشروعات التعدين والاستثمار بشكل عام، كما شهدنا مؤشرات التحسن في التعاملات مع القطب الأمريكي الذي لم يكن يعرف في علاقته مع بلادنا غير العقوبات والعداء الدبلوماسي والسياسي فضلاً عن الاقتصادي.
الآن “الولايات المتحدة الأمريكية” تبحث عن من يفتح الباب للسلام والاستقرار في الجنوب والأقرب والأنسب في هذه الحالة هو جمهورية السودان.
وأخيراً نقول إن ما دار وطرح في اللقاء التفاكري بين السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية وأهل الصحافة والإعلام كان كثيراً ولا بد منه في إطار (إصلاح الدولة) الذي هو هم كل الناس في البلاد وليس مجتمعاً مهنياً أو فكرياً بعينه.