مسألة مستعجلة
و(كان) فشل الموسم الزراعي ..!!
نجل الدين ادم
كل إرهاصات خريف هذا العام تشير إلى خروج بعض المحاصيل الزراعية من الموسم الحالي بسبب تأخر الأمطار، بخاصة في الولايات المنتجة، رغم بعض البشريات التي حلت بعد هطول أمطار معقولة في عدد من الولايات.
معروف في السودان أن شهور فصل الخريف الأربعة دائماً ما تقل فيها السيولة في السوق بنسبة كبيرة، وفي يد التجار والبنوك وغيرهم من الرأسمالية، نظراً إلى أن جل أموالهم تذهب إلى الزراعة باعتبارها مورداً مهماً يحقق أرباحاً كبيرة إذا نجح الموسم بالفعل، حيث يتحول رأس المال إلى مبالغ كبيرة. تخيلوا كم من المليارات التي ذهبت هذا العام للزراعة المطرية .. بالتأكيد كثيرة جداً، تخيلوا في مقابل هذا الجهد أن تكون المحصلة فشل الموسم الزراعي هذه المرة. بالتأكيد فإن الخسارة ستكون خسارتين: الأولى فقدان رأس المال والثانية حدوث فجوة في السلع التي خرجت من الموسم. وإذا كانت من السلع الأساسية كالذرة بكافة أنواعها أو الدخن فإن ذلك قد يؤثر في السوق ويحدث غلاء في الأسعار، وبعدها يدخل الناس في انعدام المحصول وتضطر الحكومة للاستيراد، ومسلسل طويل ينتهي ربما إلى دخول عدد من المزارعين إلى السجون!، وربنا يستر.
العالم من حولنا تقدم كثيراً ولم تعد مسألة التنبؤ بالأمطار من عدمه علم غيب، فقد زحف علينا العلم المتطور الذي يُبنى عليه مستقبل الزراعة المطرية حيث تقرأ كل الجهات ذات الصلة، في تقرير هيئة الأرصاد الذي يعطي مؤشراً بموسم ناجح أو غير ناجح، من خلال ما تحدده أجهزتها المتقدمة، لكن يبدو أن خاصية الاستشعار عن بعد وتحديد هذه المؤشرات ضعيفة. تجتمع كل الجهات ذات الصلة وتنفض وكأنهم يقرأون في الرمل!، لا جهاز استشعار يُحدث الناس عن التوقعات ولا جهاز اقتصادي أو سياسي يضع حلولاً ومعالجاتٍ لأسوأ الاحتمالات!!.
أخشى ما أخشى من فشل موسم الحبوب ففيه أكل السواد الأعظم من المواطنين، ولاحظت أن المضاربين في سوق المحاصيل قرأوا الموقف جيداً ووضعوا تحوطاتهم منذ وقت مبكرٍ، وعملوا على رفع أسعار الذرة بأنواعها المختلفة في مناطق الإنتاج بجانب السمسم، يعني فشل الموسم عندهم مولد للثراء الفاحش!.
المضاربون صوبوا الخطة البديلة لفشل الموسم واختاروا التخزين للمحاصيل القديمة بجانب رفع الأسعار بصورة جنونية، لكن ماذا فعلت الحكومة عبر أجهزتها المختلفة لتلافي احتمال فشل الموسم؟. الأمر يحتاج لتدبير كبير كأن تركز الحكومة في موسم الزراعة المروية لتعويض الفاقد، بجانب التوسع في زراعة المحاصيل الأخرى البديلة لتخفيف حدة الخسارة، علاوة على تأمين جهاز المخزون الإستراتيجي، ووضع تدابير صارمة لمنع تسرب المحصول القديم إلى دول الجوار عن طريق التهريب.
على أية حال نأمل أن تكون التوقعات بغير ما نشتهي، ونسأل الله أن يلطف بنا وينجح الموسم بقدر معقول، حتى يجنب البلاد الدخول في أي طوارئ، وهو المستعان.