الجمهور
حالة الترقب والانتظار، وتوتر الجو العام يحيط بالمشهد الرياضي في انتظار المباريات المقبلة للهلال والمريخ في البطولة الأفريقية للأندية مع ارتفاع الآمال العراض بأن يكون هذا الموسم ذا محصلة ايجابية مفرحة لأي الناديين بما يؤهلهما لنيل لقب قاري سيكون الأول للهلال والثاني أو الثالث للمريخ، والحقيقة أنني أعود اليوم لأكتب من زاوية الرياضة لجهة يقيني أن هذا القطاع بحاجة إلى التفاتة عجلى وترتيب مريح، إذ تبدو فيه بعض السلبيات بحاجة إلى استدراكات لازمة ومن ذاك حالة التمييز السالب لصالح أندية القمة على حساب أخرى، وأقرب الأمثلة مشاركة ناديي (الأهلي شندي والخرطوم الوطني) في بطولة خارجية هذه الأيام باسم السودان، ولم ينتبه أحد أو يأبه من عموم الإعلام الرياضي وهو خذلان مريع وتحيز غير لائق وظالم.
جمهور الكرة العريض كم مهمل لم تحسن الدولة والحكومات والأحزاب قبلها توظيفه لصالح برامج الإصلاح والتسامح، فكرة القدم في السودان لا تزال بجمهورها ورجلها كماً مهدراً من الموارد والحماسة التي توظف في حال توظيفها في اتجاهات غير صحيحة رغم أن جمهورنا وعلى عسر حاله وبؤس ملاعبه يعد من الأميز حضوراً ومشاركة في الأنشطة الرياضية، حيث يأتي المشجع إلى الإستاد – إن صحت التسمية – راجلاً ويزحم المدرجات ويتابع أخبار أنديته التي يشجعها عبر الصحافة والوسائط الأخرى رغم أن إعلامنا الرياضي كثير العثرات قليل الإحسان في الإجادة ولعله أحد مسببات شيوع التعصب.
صارت مشاركات أندية القمة هلال – مريخ حدثاً موسمياً راتباً وعيداً، تؤجل له المناسبات وتؤخر فيه الأعمال وتعطل الأنشطة، تخلو الشوارع من المارة وتقل حركة السير، جميع الأسر في المنازل تتحلق حول التلفزيون الوطني الذي يحظى في هذه الليلة عادة بنسبة مشاهدة عالية وربما بأرقام قياسية لا تتحقق في غيرها من المناسبات التي يوثقها وينقل فعالياتها، الكل تحول إلى حامل راية حمراء أو بيضاء، كل حسب ميوله واتجاهاته، والأغرب من هذا أن الفوارق السياسية والطائفية والعرقية تذوب وتتلاشى.
ولا أشك في أن حتى متمردي الجبهة الثورية وقطاع الشمال وغيرهم ممن نعرف ولا نعرف لو أن قدراً ساقهم إلى الخرطوم في ليلة المباراة لتناسوا أدبيات ظلم الهامش والهوامش، ولكان فجرهم الجديد يرتبط بكرة تهز شباك مرمى أو ترتطم من قائمة! إن الحالة التي تمثلها ظاهرة الولاء الكروي هذه بحاجة إلى تقييم موضوعي، هذا حشد من الوطن يجب أن يسهم في المكرمات، والمدخل إلى هذا تطوير هذا الوسط وتأهيله، وهو قادر على الإنفاق على نفسه، وإني لأتساءل عن حجم المداخيل التي تحققها نوافذ مثل هذه المناشط وكيف تدار وكيف تصرف وأين الرقابة عليها، فأنا أؤمن بأن أندية القمة في البلاد غنية وثرية بأنصارها قبل أن تكون قوية بأرصدة “جمال الوالي” و”الكاردينال”، لان الملايين من العشاق والأنصار الذين يتوقف بسبب فرحهم أو سخطهم سير الحياة في هذه البلاد أقدر على توفير العيش الكريم لناديهم.