رأي

مسألة مستعجلة

افتتاحات وهمية!!
نجل الدين ادم
واحدة المشكلات التي تعود على البلاد بالخسارة ونحن لا نشعر، أن كثيراً من المشروعات التي يتم افتتاحها بواسطة المسؤول الأول في الدولة أو الوزارة أو المؤسسة.. الخ، دائماً ما تركز على الجانب المراسمي وكسب رضا المسؤول أولاً قبل الجهة المقصودة بالخدمة في الولاية أو المحلية أو المدينة.. الخ.. والمشكلة الأكبر هي أن يكتشف الناس بعد أيام أن المحصلة (صفر) وأنه لا جدوى للمشروع، أو أنه توقف عند محطة الافتتاح وقد لا يكتمل حتى نهاياته!!
ما أشرت إليه ذكرني بمقولة أهالي الأبيض بولاية شمال كردفان وهم يمتازون بالسخرية السياسية الناعمة التي تضحكك حد الإفراط، وأذكر أنهم كانوا قبل سنوات خلت في انتظار على أحر من الجمر وصول المياه إلى المدينة من محلية بارا عبر مشروع ضخم أشرفت عليه الولاية وقتها بالتنسيق مع المركز، فما كان من الرئيس إلا أن توجه لافتتاح المشروع الحلم لأهالي المنطقة، وبالفعل تم الافتتاح بياناً بالعمل وانهمرت المياه من الماسورة، لكن بعد أيام قليلة تعذر وصول المياه واكتشف لاحقاً أن هنالك عدم مواصفة في المواسير التي تنقل المياه من المنبع في مدينة بارا، فخرج الأهالي بمقولتهم المشهورة (الرئيس ركب الطيارة والموية رجعت بارا)، ويقصدون أنه بمجرد تشغيل المحطة ومغادرة الرئيس بطائرته (قطت) أو نضبت (الموية) في المواسير، ليبدأ من بعد ذلك مشوار جديد لمعالجة الخطأ.
طبعاً عندما سمعت بهذه المقولة وقتها، سألت نفسي: يا ربي هل سكب هؤلاء موية في المواسير لزوم التدشين وكدا وما أن انسكبت المياه على الأرض عند الافتتاح أصبحت المواسير مليئة بالهواء؟!
نموذج ثانٍ لما ينتهجه القائمون على أمر هذه المشاريع وهم يسعون لكسب رضا المسؤول الأول، أن مسؤولاً حضر إلى أحد الموقع لافتتاح إحدى محطات الكهرباء في وقت سابق، فأخذ المهندس المسؤول في تقديم شرح وافٍ بأن هذا الخط سيغذي قرية كذا وتلك لمنطقة كذا، وقد سرى وسط المواطنين وقتها أن المشروع قد فشل وأن الافتتاح سيكون صورياً، وفي مقابل ذلك لم يتمتع الأهالي بأية تجربة لتنير لهم الكهرباء التي يراد افتتاح محطتها، فما كان من أحد الساخطين إلا أن حاول الاقتراب من المسؤول لتوضيح هذه الحقيقة وما يشاع، لكن تم الحيلولة دون أن يصله، لكنه أصر وهو يقول بصوت عالٍ أثناء شرح المهندس وبلكنة عربية بريئة (يا ريس قولو شغلا)! لكن هيهات.. تم افتتاح المشروع بحمد الله، وقد صدق حدس ذلك الرجل ولم تذق المناطق التي ذكرها المهندس الكهرباء، وبعد ذلك بدأ مشوار المعالجة والمسؤول بالتأكيد بمعزل عن ذلك السيناريو الافتراضي في عملية الافتتاح!!
هذه نماذج، وقس على ذلك، وستجد أن بعض المشروعات تواجه ذات المصير.. قصدت من ذلك أن ما يتم على هذه الشاكلة لا يعدو كونه نوعاً من الاستهبال، وحتى لا نقع في مثل هذا الفخ أنصح أن يحدث تغيير في عمليات الافتتاح التي تتم للمشروعات، وأقترح في ذلك أن يتم التشغيل التجريبي لفترة ومن ثم يمكن أن يتم الافتتاح المراسمي والتعبير الاحتفائي بالإنجاز.
ودمتم.   

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية