"عبد الكلام" .. رحيل رئيس عالم
نجل الدين ادم
غادر الفانية (الاثنين) الماضي الرئيس الهندي الأسبق البروفيسور “أبو بكر زين العابدين عبد الكلام” المعروف بـ(رجل الصواريخ)، فهو شخصية عالمية نادرة تستحق أن نقف عندها .. كيف لا وقد ظل يحاضر في الجامعات الهندية وهو رئيس لبلاده وعندما وافته المنية كان على منصة التدريس في إحدى الجامعات الهندية، وقد كان أول رئيس مسلم لبلاده.
الراحل كان يحمل حباً خاصاً للسودانيين وبلدهم وقد سجل زيارة شهيرة للسودان قبل (12) عاماً، حملت من المعاني والقيم الراسخة التي لا ينساها كل من تابع زيارته للخرطوم وقتها، فكنت من المحظوظين الذين تابعوا تلك الزيارة الخالدة واستمعت للحديث العميق للرجل.
وفي إحدى تجليات هذا العالم المتواضع كانت تلك القصيدة العصماء التي ألقاها باللغة الانجليزية، وهي مقفاة بعد أن جاب شارع النيل ومقرن النيلين وبهره سحر المنطقة وجمالها، فما كان منه إلا وأن استأذن نواب المجلس الوطني وقتها وقد حل عليهم ضيفاً لمخاطبة الشعب السوداني، وقد تفنن وأدهش المجلس وزير العلاقات البرلمانية وقتها الأستاذ “عبد الباسط سبدرات” وهو يقوم بالترجمة الفورية على الحضور فصفقت القاعة لجمال تلك القصيدة.
قال البروفيسور “عبد الكلام” تلك القصيدة وهي موجودة في دار الوثائق، حيث نشرتها صحيفة (أخبار اليوم) في صفحتها الأخيرة. وقد حرصت على تسجيلها وتركزت معظم أبياتها على جمال وحسن المنظر عند مقرن النلين، وإعجابه بالسودان وبطبيعته الخلابة. وفي ذلك لم ينسَ الرجل أن يشكر النواب على حسن الإصغاء.
و”عبد الكلام” رغم ما وصل إليه من علم وجاه وسلطان كان متواضعاً للحد البعيد، وأذكر أنني حاولت أن اقترب من موكبه وهو يخرج من قاعة البرلمان لأراه عن قرب، ولكن طاقم التأمين حال دون أن اقترب منه، ولكنه شاهدني وأظنه أحس برغبتي فرفع إحدى يديه محيياً فكانت تحية العلماء الزاهدين.
حرصت أن أكتب عن هذه الشخصية الفريدة، فالرجل رغم كبر سنه وبلوغه ثمانين عاماً إلا أنه كان يصر أن لا يغادر قاعات المحاضرات، فيكفي أنه كان مفجر برنامج الصواريخ وقاد الفريق العلمي الذي طور الصواريخ القادرة على حمل الرؤوس النووية الهندية، وساعد كذلك في الإشراف على التجارب النووية التي أجريت عام 1998، حيث عززت مركز الهند كإحدى الدول التي تحوز أسلحة نووية.
“عبد الكلام” سيظل فقداً للعالم أجمع وليس لبلاده الهند وذلك لعلمه وتواضعه، ورحمة الله عليك رحمة واسعة. والتعازي لكل من يرفع فضل الرجل فكل نفس ذائقة الموت.