لايكات!
قبل نحو خمسة عشر عاماً أو تزيد قليلاً تحمس الأنصار والأحباب في حزب (الأمة) لما أسموه عملية إصلاح كبرى وعريضة تستهدف الحزب العريق، وكان رأس الرمح في الأمر تقرير أعده الأمير “عبد الرحمن عبد الله عبد الرحمن نقد الله” – ويح قلبي على هذا الرمز – شمل توصيات حول الأداء الحزبي وطرائق ومقترحات لتحسين الأداء في حزب (الأمة)، جاء التقرير في نحو ستين صفحة، وافتتح بعرض تحليلي لظاهرة عدم الانضباط، مشدداً على الانقياد لحكم المؤسسات والمؤسسية، وقدم توصيات خاصة بمؤسسة الرئاسة والمجلس القيادي والمكتب السياسي، وتوصيات حول الأداء الإعلامي في الحزب، ودعا تقرير الأمير “نقد الله” لإعادة صياغة كافة لوائح الحزب، واقترح إقامة ورشة عمل لتقديم مشروع دستور الحزب للمؤتمر القادم، وإقامة ورشة فكرية لإعادة كتابة برامج الحزب، داعياً للفصل بين الحزب وأجهزته وبين أجهزة هيئة شؤون الأنصار، مع إلغاء جيش الأمة.
الطريف في الأمر ليس الكثير من تلك التوصيات لم تنفذ وإنما في الرد البديع للسيد الإمام الذي قدم نقداً تقويمياً لتوصيات التقرير قسمها إلى خمسة أجزاء سماها وحصرها في ما ينبغي قبوله من توصيات دون تحفظ، وما استحسن رفضه من توصيات بأسبابه، وما فات على اللجنة من إصلاحات ضرورية، وما ينبغي اتخاذه من خطوات عملية مطلوبة لتفعيل التوصيات، وقطعاً فإن نقد السيد “الصادق” البديع هذا وما (ينبغي) وما (استحسن) وما (فات) لو أنها حضرت أيام التواصل الاجتماعي الحالية وثورة الوسائط لحازت (لايكات) قياسية لعجيب قدرة حفيد “المهدي” على تفسير النصوص وفتح منافذ الطوارئ والخروج فيها وعبرها!
تذكرت (ماءات) المهدي وأنا أراجع وأتابع جدل الكهرباء والمياه، إذ لا تنقضي ساعة إلا وأتت وبمقترح وبيان ومشروع معالجة، وصارت كل الحلول بين توصيات يمكن قبولها وأخرى يستحسن رفضها وثالثة إصلاحات فاتت على الخبراء والمحدثين ورابعة خطوات ينبغي اتخاذها! ولئن كانت مشكلة حزب (الأمة) أنه مثل كل الأحزاب – فيها المؤتمر الوطني- قد يطرح برنامجاً للإصلاح الحزبي وما شاكل، ثم ينتهي الأمر ليكون بعضاً من أحاديث مجترة وثرثرات تصلح في أحاديث الصحفيين المسيسين، فإن الوضع بالنسبة لأمر يتعلق بخدمات تقدمها حكومة يختلف، إذ لن يصلح هنا ممارسة طق الحنك بقدر ما يكون المطلوب فعلاً وفعلاً محدداً يراه الناس أمام أعينهم.
ولهذا فمن الواضح أن على وزارة الكهرباء وكذا الحال لأمر مشروع المياه الرجوع لتوصيات قدمت من قبل حول كثير من جوانب الأزمات الماثلة الآن، توصيات طرحت وتم التشديد عليها ولكن تم تجاوزها وإهمالها أو رد الناس عنها ثم هاهم يضطرون إليها الآن وقد رفضوها من قبل، ولو أنهم قبلوها من قبل ربما كان الأمر اليوم مختلفاً جداً، وأعتقد أن الوضع ما يزال قابلاً للاستدراك والمعالجة، ولكن هذا لن يطول فكل يوم يحدث تأخير تتفاقم تعقيدات المسألة.