مسألة مستعجلة
وبعد الإفراج عن الصيادين المصريين ..
نجل الدين ادم
حسناً فعلت النيابة بولاية البحر الأحمر بأن قررت إخلاء سبيل الصيادين المصريين الـ(101) الموقوفين بتهم التجسس ودخول المياه الإقليمية السودانية منذ فترة باستثناء شخص واحد يواجه تهمة تصوير مواقع عسكرية، على أن يتم التنفيذ بعد إكمال بعض الإجراءات القانونية اللازمة والمهمة من قبل السلطات وأتوقع أن يكون من بينها أن يكتب المفرج عنهم تعهداً رغم أن القرار لا يخلو من تدخل سياسي من واقع علاقات الجوار.
استحسنت الاهتمام الكبير من قبل السلطات المصرية وحرصهم على المتابعة اللصيقة واستخدام كافة وسائل الضغط من أجل الإفراج عن رعاياهم، طبعاً الاتصالات الدبلوماسية كانت في المقدمة وكذلك العدلية، ففي مقابل ما حدث لهؤلاء الصيادين المصريين فإن عدداً من السودانيين المنقبين وآخرين ضلوا طريقهم ووجدوا أنفسهم داخل الحدود المصرية وبقدرة قادر باتوا متهمين باختراق الحدود، هؤلاء السودانيون وغيرهم واجهوا ويواجهون مصير التوقيف لدى السلطات المصرية وبعضهم قدم لمحاكمات لأسباب شبيهة بالتي تم بموجبها الإفراج عن الـ(100) مصري في مرحلة تقييم البلاغ لدى النيابة، وهنا لا بد أن تلتفت السلطات السودانية إلى ضرورة التعامل بالمثل فيما يتعلق بمثل هذه التجاوزات والتي في الغالب ما تكون غير مقصودة، هذه الملفات يفترض أن لا تكون السمة الأساسية فيها العمل القانوني البحت، حيث أنه لابد أن يصحبها عمل دبلوماسي يراعي حسن الجوار ويراعي حقوق الرعايا السودانيين والتعامل، ومن وجهة نظري البسيطة أن التجسس دائماً لا يتم عبر مجموعات كبيرة كهذه، حسبما يصنف القانون كل من يقع في هذا الخطأ حيث أنه لا يستقيم أن يتجسس (100) صياد مصري لصالح بلدهم ولا (50) منقباً سودانياً لصالح وطنهم، حسبما يضعك القانون في هذه الخانة فالأمر يحتاج لحكمة في التعامل مع مثل هذه الملفات، بالتأكيد مع ضمان حقوق السيادة في المساءلة والمحاكمة عن كل تجاوز يقع من فرد أو جماعة.
كنت أتوقع أن تكون محصلة الاتصالات التي جرت بين سلطات البلدين فيما يتعلق بمثل هذه التجاوزات التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه الإفراج عن مواطني البلدين مع كتابة إقرارات تلزم هؤلاء المتسللين عمداً أو عن طريق الخطأ بأن أي تجاوز آخر سيكون مصيره محاكمة المتهمين، في ذلك احترام للعلاقات وتغليب لخيار تجاوز مثل هذه الإخفاقات بدبلوماسية تراعي حقوق الطرفين وتحذر من أي انتهاك آخر يقع من هؤلاء أو غيرهم، الآن بات تنفيذ قرار الإفراج عن هؤلاء الـ(100) من المصريين مسألة زمن ربما اليوم أو غداً ويصبحوا طلقاء، ولكن يبقى سودانيون يواجهون ذات المصير في قفص الاتهام لدى السلطات المصرية، أرجو أن يمتد هذا التدخل السياسي حتى يكون هؤلاء السودانيين كذلك طلقاء والله المستعان .