رأي

ترميم العقل السياسي السوداني!!

بقلم – عادل عبده
الشعور بالإحباط والقنوط الذي يلف أجواء المشهد السياسي ابتداءً من قطوعات الكهرباء والمياه مروراً بالحروب في بعض مناطق دارفور وكردفان وصولاً إلى أحوال الغلاء وتعقيدات الحوار بين الحكومة والمعارضة، يجب أن تكون نقطة تحول في مسار المراجعة المتأنية والحسابات الدقيقة على طريق إحياء الإصلاح والمعالجات القائمة على الدقة والحسم والعلم.
لم تتمكن الأحزاب الحاكمة على رأسها المؤتمر الوطني من إحداث التغيير المنشود على كل المستويات الذي يحول حياة المواطنين إلى مرافئ الهناء والكفاية والاستقرار، فالأحوال المزرية ما زالت ثابتة كالنقش في الحجر وبذات القدر يعيش العقل السياسي السوداني من إشكالية العشم والانتظار حول إمكانية حدوث المكاسب الوردية والإجراءات المأمولة التي تسعده من أهل التدابير في الحكومة الحالية.
لقد خضع العقل السياسي السوداني طيلة السنوات الماضية على تصديق شعارات السلطة التي تزف للمواطنين إرهاصات النماء والاكتفاء والاستقرار دون أن يجدوا شيئاً على أرض الواقع، وبذلك يجب عليه تقييم تلك البالونات التي انطلقت في الهواء الطلق.
لا نريد للمواطن السوداني تبديل موقفه بالإجراءات الغليظة والاحتياجات الهوجاء بل نريده أن يقلب الطاولة على أرائك التحضر والرقي وإظهار الخطوات التي تتناغم مع متطلبات العصر والقيم الإنسانية الرفيعة!!
الآن يجب إطلاق دعوة ترميم العقل السياسي السوداني في سبيل إيقاف مسلسل المخادعة والانتظار الطويل، فالشاهد أن ما يثير العجب والحكمة هو أن ناموس الحياة يحتاج إلى الترميم والمراجعة الذاتية من ماكينة الطائرة والسيارة حتى عقل الإنسان!! إذن لابد للعقل السياسي أن ينظر بتمعن شديد إلى المؤتمر الوطني والاتحادي (الأصل) والحركات الدارفورية والأحزاب السياسية الأخرى .. ليحصل على ماذا قدموا؟؟.. وما هي قدرتهم على البناء وخدمة المواطنين؟؟.. وما هي الأعطاب والخلل الموجود في دواخلهم؟؟.. وهل بطارية كل حزب فقدت الحيوية والنشوة؟؟..
العقل السياسي السوداني ربما أدرك بحسه الوطني وذكائه المشهود تفاقم لعبة السيرك الهائل في المشهد السياسي، فالتصريحات أحلى من العسل والوعود الخضراء تهز المشاعر والأحاسيس والحصيلة قبضة على ريح الخداع.
مظاهر الوعي لاحت في الأفق حيث لم يعد لمعظم الأحزاب السودانية قواعد ملتزمة وجماهير تجلس على كرسي الوفاء، فقد زحفت كيمياء التغيير ولوازم التبديل مع قوة التطور الهائل ومطلوبات جريان الساعـة، بل التصويت في الصناديق سيكون في المستقبل للبرنامج الواعي والقناعات الآنية كما يحدث في أمريكا والغرب.
مراكز التسلط ورموز الفشل في بعض الأحزاب السودانية تعتبر من أمراض المشهد السياسي التي تركض في نشوة هستيرية على التحكم في رقاب المجتمع، لذلك لا يمكن محاربة هذا الداء العضال إلا بترميم العقل السياسي السوداني ليكون ترياقاً مضاداً في وجه تلك الصور الكالحة.. هكذا تضع العقول النيرة طريقاً زاهراً ربما يصبح فرض عين!!
==

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية