رأي

مسألة مستعجلة

سيناريو كرم سوداني بنكهة أمريكية !!
نجل الدين ادم
على طريقة (عوج الدرب) التي يقطع بها أهالي الجزيرة الطريق على المارة، مستخدمين الملافح الطويلة وهم يعترضون سيرهم لتلبية دعوة  الإفطار الرمضاني على الشارع العام، نفذ موظفو السفارة الأمريكية بالخرطوم أول أمس (الجمعة) ذات سيناريو الكرم السوداني (الأصيل) على شارع النيل وهم يدعون المارة لتناول الإفطار، وقد أعدوا الوجبات على امتداد بساط على نجيل شارع النيل الجميل.
مبادرة طاقم السفارة الأمريكية جاءت على خلفية اعتراض بعض السودانيين لموكب دبلوماسي أمريكي وإجبارهم على تناول إفطار رمضان، الأمر الذي استحسنوه وقرروا رد الجميل بأحسن منه.
هذه العادة الرمضانية التي يحرص الرجال فيها على تناول الإفطار الرمضاني على قارعة الطريق بغية أن يشاركهم كل عابر سبيل إفطارهم، لا مثيل لها في كل دول العالم، فهي تعزز روح التكاتف وتؤكد على الحرص في نيل الخير خلال الشهر الفضيل باستضافة عابر سبيل وتقديم الإفطار له، ما أجملها .. إنها عادات سمحاء يسري مفعولها كما المحلول الوريدي عند الغرباء من غير السودانيين فتلجمهم الدهشة وتعجبهم الفكرة. ومعروف عن الأمريكان والغرب حبهم لكل ما هو غير تقليدي من أفكار فما يكاد يتعرفون على عادة أو وجبة وإلا وتجدهم سباقين إليها هكذا هم دوماً، فأحيان كثيرة تكون مثل هذه التقاليد السمحة مفاتيح دبلوماسية لفتح ما استعصى من أبواب التعاون والعلاقات، لأن القيم هنا تتنزل فيكون وقعها من القلب إلى القلب دون مساحيق تجميل أو ماكياج .
تقاليد الشعب السوداني السمحاء لا تقف عن قطع الطريق على المارة لحظة الإفطار الرمضاني ودعوة  لمشاركتنا الإفطار فحسب، بل تمتد إلى تعظيم فضل الظهر لأصحاب المركبات وهم يحملون كل من انقطع في الطريق إلى وجهته أو الوجهة القريبة التي يرغب.
فمن عجائب عادات وتقاليد السودانيين في هذا الشهر الكريم الذي يعظمونه حباً وامتثالاً وسلوكاً، فهو الشهر الوحيد الذي يُرفع فيه حرج مداهمة أي أسرة للإفطار معها دون سابق موعد أو إخطار، بل هنا يكون العكس تماماً فتجد أصحاب الدار  في غاية السعادة لهذا الاختراق، فتتنزل عليهم السعادة فتحل عليهم البركة.
في شهر التوبة والغفران أيضاً تعم مظاهر تبادل الزيارات الأسرية فيما بين الأقارب والأهل والأصدقاء بشكل كثيف، تلبية لدعوة أو مبادرة لزيارة شخص عزيز، وفي هذا الشهر تكثر ملمات الناس وهم يتناولون الإفطار.
أخيراً .. نتمنى أن تكون هذه العادات السودانية الأصيلة هادية لأن يكون شعباً مميزاً يدخل الفرح بما يفعله من خير في نفوس من لا يعرفونه من الأجانب، وإن شاء الله يكون هذا الإفطار الأمريكي على النسق السوداني فاتحة خير ولتحسين العلاقات الثنائية بين البلدين، فيرضى عنا الأمريكان والنصارى دون أن نتبع ملتهم، ودمتم .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية