المشهد السياسى
“الشيخ الضرير” قامة فقهية كبيرة
موسى يعقوب
الثامن عشر من رمضان الحالي 1436هـ الموافق 5 يوليو 2015م كان رحيل القامة الفقهية والشرعية الكبيرة – عليه الرحمة – “الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير” الذي قبر في ظهر نفس اليوم بمقابر (حلة حمد) وسط حضور مشيعين كبير أولهم السيد رئيس الجمهورية وجلهم ممن درسوا على يديه أو رافقوه في العمل وعرفوا فضله – رحمه الله – وإضافته للعلم والمعرفة والفقه الشرعي.
سيرة الشيخ الضرير لمن تصفحها عامرة بكل ما يجذب الانتباه في حياة من كان له حضوره في العطاء العلمي والأكاديمي والإنتاج الفكري.
فالراحل، الشيخ الضرير توج نشاطه في اكتساب العلوم الشرعية بنيله شهادة الدكتوراة بمرتبة الشرف الأولى من جامعة القاهرة في عام 1967م وهو الذي بدأ مشواره بقسم الشريعة بجامعة الخرطوم الذي كان رئيساً له في عام 1962م.
ومن أشهر إنتاج الشيخ الضرير الفكري في مجال عرف به هو كتابه (الغرر وأثره في الفقه الإسلامي) الذي أنتجه في وقت مبكر، وكان أول كتاب يقدم نظرية في ذلك المجال مما جعله ينال (جائزة الملك فصل العالمية) ويعين عضواً.
_ في مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة ومكة.
_ وفي المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين.
_ ثم رئيساً للهيئة العليا للرقابة الشرعية للجهاز المصرفي والمؤسسات المالية الإسلامية بالخرطوم.
ولقد أتاح لنا عملنا في المستشارية الإعلامية للاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ومنها بنك فيصل الإسلامي السوداني ودار المال الإسلامي – بجنيف، أن نتعرف على الشيخ الضرير ومساهمته في المجال الذي هو الأكثر تخصصاً وخبرة في مجاله.
ذلك أن الشيخ الضرير قبل أن يدخل في مجال الرقابة الشرعية للبنوك كانت له خبرته المحاسبة، حيث عمل محاسباً بحكومة السودان في الفترة من (1939 – 1948).. فهو والحال كذلك خبرة مزدوجة لم تقف على الرقابة الشرعية للمصارف وإنما الرقابة الشرعية على أعمال التأمين.. وقد كان نشاطاً تكافلياً جديداً شأنه شأن الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي التي كان الراحل رئيسها لفترة طويلة.
ونشاط الشيخ الضرير في المجال الأكاديمي والشرعي والفكري لم يكن قاصراً على المحيط السوداني الذي شمل البنك المركزي السوداني في وقت لاحق، وإنما امتد إلى الخارج العربي والإسلامي وغيرهما.. ومن ذلك:
_ الندوات والمؤتمرات المتعددة بدبي والكويت وكوالالمبور.
_ أستاذ زائر لإلقاء المحاضرات في الشريعة في مدرسة الدراسات الإستشراقية والأفريقية بلندن.
إن ذلك كله وغيره من العطاء الأكاديمي والفكري الداخلي والخارجي لم يجعل الدولة تقتصر في منح القامة الفقهية الكبرى:
_ نجمة الإنجاز في البحث العلمي.
_ وجائزة الدولة التقديرية.
واعترافاً بدور الراحل في المجتمع والمحيط الأكاديمي كان إعلانات النعي والشكر تتلاحق من بعض المصارف ومن المجمع الفقهي الإسلامي الذي كان الشيخ الضرير، عليه الرحمة، من رموزه، فقد أعطى ولم يقصر ورفع من ذكر وطنه السودان خارجياً وعربياً على وجه التحديد.
ألا رحم الله الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير الذي فقدته أمته وكل عارفي فضله وعطائه الشرعي والفقهي – فالعزاء لهم ولأسرته الخاصة وآل الضرير عامة، فالفقد كبير ولكل أجل كتاب.. فعزاؤنا موصول للجميع ورحم الله الشيخ الذي عرفناه وعاصرناه وشهدنا على بعض إنتاجه.