من وحي الأخبار

شواغل العيش والمعاش

أعتقد أن الوقت قد حان لنرى من الحكومة الجديدة أعمالاً وليس أقوالاً، قسمت الحقائب واكتملت عمليات التسليم والتسلم بالمركز والولايات ولم يبق من سبب موضوعي للانتظار أكثر من هذا، فقد انقضت مدة الضيافة وحان وقت النزول إلى هموم الناس وعلى الحكومة وأحزابها الكبيرة والصغيرة، والاهتمام بدعم التحول المعيشي فهم في ذروة مقالاتهم عن الديمقراطية والسلام يغضون الطرف عن ظروف سحق عظام الفقراء بارتفاع الأسعار التي طالت كل شيء، من تعريفة النقل إلى أسعار الخبز والسكر والدقيق والزيت حتى صار البعض من كرام المواطنين، لا يستطيع مواصلة العيش وفق الأسعار الجديدة في غياب كامل للدولة عن الضبط أو على الأقل استحداث معالجات أخرى
  المواطن وجموع المساكين لا يأكلون شعارات وقصاصات الديمقراطية ولافتات المؤتمرات العامة للأحزاب فكل ذلك (كلام فارغ ) يصير بلا معنى طالما أن الحرية مغيبة في كل التنظيمات والقرارات محتكرة والكيانات والتواقيع صورية. المواطن وجموع المساكين لا تعنيهم حريات الهجاء وبيع الوطن والذمم ولا تغني عنهم ديمقراطية الهتافات في القاعات لكنهم يسعون لحكومة تخدمهم في التعليم والصحة والأمن وبعدها فليحكم من شاء في حزبه بما شاء .
       يتحدث الناس في مجالسهم عن شواغل العيش والمعاش وينتظرون من الحكومة أن تتحدث  في قراراتها عن ارتفاع جنوني في الأسعار، هذا مع  ملاحظة أن التضخم قد انخفض في الشهر الماضي.  إن المواطنين يئنون ورغم الوفرة فإن أي سلعة في السوق ارتفع ثمنها فجأة، كل السلع، كل الأشياء، والأحزاب والسياسيون عالقون في الحوار الوطني والمجتمعي وذهب فلان وأتى علان  والبسطاء في هاجرة الشمس يعانون الأمرين في الحصول على وجبه (سخينة) لأن الزيت والبصل ارتفعت أسعارهما ناهيك عن الخبز ولم نتحدث حتى الآن عن أزمات المياه والكهرباء وعن إحساس مواطن يدخل إلى منزله بعد يوم عمل شاق فتخطره حرمه بأن (الغاز قطع)! وهذا موقف في العادة يستوجب اللطم أحيانا !
إن التحدي الأكبر والمنجز الذي يمكن أن تقدمه الحكومة الجديدة والمعارضة والحركات المسلحة وكل هذا الحشد المتلاطم من أدعياء المصلحة، المنجز الذي يمكن أن يقدمه هؤلاء جميعاً للشعب السوداني في الأرياف والحضر، أن يخففوا عن كاهله هموم وإثقال الحياة القاسية التي تتعقد كل يوم بسبب أخطاء السياسيين وخلافاتهم التي لا تنتهي، ولئن كان للمعارضة دور فإن المسؤولية على الحكومة مضاعفة لأنها ذات دور أكبر وواجب أوضح ولأن المرجو منها أعظم وعليه فليتنا في مقبل الأيام نرى فرقاً وتحسناً ظاهراً، لأنه إن لم يلمس المواطنون ذلك ويحسونه أمامهم وفي واقع عيشهم، فإن أموراً كثيرة ستتعقد لأن صبر الناس قد نفذ ولا أحد يملك فسحة للتعويل على آمال جديدة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية