من وحي الأخبار

ويكليكس السودانيين..!!

أذكر تحذيرات سابقة لوكيل نيابة جرائم المعلوماتية، حذر فيها من انتشار الجريمة الإلكترونية واستشرائها، وقال إنّ الجريمة الإلكترونية تهدد الأمن القومي والاقتصادي والاجتماعي لجهة أنها تختلف عن الجرائم الأخرى في الأسلوب، وتتعلق بانتهاك الخصوصية وانتحال الشخصية والابتزاز والاحتيال والسرقة والتهديد وإشانة السمعة والقذف، وهو القول– أي لوكيل النيابة– الأول وربما الجهير بشأن إشكاليات جديدة بدأت تبرز مع سياق تعاطي السودانيين والانترنت.
السودان من الدول التي تحظى بخدمات مميزة في الانترنت وبأسعار معقولة، ومقارنة بما شهدنا ببعض دول الجوار الأفريقي والعربي فإننا خطونا خطوات كبيرة في سبيل تطوير هذه الخدمات ومد نطاق استخدامها وزيادة المستفيدين منها من حيث الأعداد وامتدادات المواقع الجغرافية.. وصحيح أن هذا الأمر وفر جملة من الإيجابيات الكبرى والواضحة التي لا تعد ولا تحصى، لكنها بالمقابل أفرزت جوانب سالبة وسالبة للغاية خاصة مع ما يمكن تسميته التوظيف السياسي لهذه النعمة، إذ صار بإمكان أي شخص أو مجموعة أشخاص طرح ما يشاءون من أقوال وآراء ومعلومات دون أن تتمكن الجهة المتلقية– وهو جمهور مفتوح- من تحديد دقة وصحة بيان المطروح أمامها، إذ إن ضوابط النشر في فضاء المعلوماتية هذا لا تحدد بأي محددات إلا امتلاك الشخص للخدمة والمزود ثم الحساب الذي يمارس عليه نشاطه في النشر بلا قيود ومحددات!
هذه الوضعية أحدثت إشكالات لبعض الأشخاص تم التجني عليهم بصفتهم الاعتبارية وبصفتهم الشخصية، وقد أهينت سمعتهم واتهموا في أخلاقهم ووطنيتهم، وطالتهم شبهات بالفساد واللصوصية دون أن يثبت الطرف الراوي أو الناشر وبصيغة منضبطة أسانيد صحيحة أو ذات إقناع أن ما تقدم به من قول أو طرح يستند إلى دليل ظاهر ومبين، وأغلب الذي يحدث أن رواية سماعية تتحول بشكل ما إلى (قصة خبرية) ركيكة وغير مكتملة الأركان، تتحول عبر المشاركة والتراسل والتمدد لتكون رواية رعب تنتهي آخر الأمر بضحية تلطم الأسافير بحثاً عن شخص قد يكون شبحاً واسماً بلا هوية، وقد يكون شخصاً حقيقياً معلوم المكان والعنوان لكن ثمة قصوراً في تكييف الوضع القانوني للتعامل مع ما ارتكب. 
المشكلة الآن أن محاولة تطويق النشر في الانترنت بأي قوانين ومقيدات سيواجه بحملة رفض عاتية، لأن ذات الذين يوظفونه في السوء سيلبسون مسوح النزاهة بمزاعم حريات النشر، وأن هذا حق لا تملك الحكومة ضبطه، وسيعود جزء من العراك حول الحريات الصحفية في النشر الورقي إلى معركة أخرى حول الصحافة الإلكترونية، ويحدث هذا مع أن بعض الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب تضع عقوبات صارمة تجاه من تثبت إدانته بخرق أخلاقي أو اتهام باطل بحق آخر وإن كان مجال النشر في الانترنت، أو حال إحساس بلد ما أن أمنه القومي مهدد.. وأقرب الأمثلة وضعية مؤسس موقع (ويكليكس) المطلوب للعدالة والملاحق، الذي تحول هو نفسه إلى مورد دائم ومستمر للحكايات والقصص الحقيقي منها أو المضاف إليها!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية