المشهد السياسى
من “جوهانسبرج” إلى “الأمم المتحدة”
موسى يعقوب
المعركة باسم الجنائية الدولية في “جوهانسبرج”، حيث انعقدت قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة كسبها السودان ورئيسه “البشير” ولم تكسبها الدول والمنظمات التي كانت خلف أن تضع الجنائية الدولية يدها على الرئيس السوداني.. ولكنها لصمود الرئيس الـ(جنوب أفريقي) “زوما” رئيس الدولة المضيفة ووقوف الدول الأفريقية أعضاء القمة باءت جهود من كانوا وراء الحملة الجنائية بالفشل.
وقد كانت دارفور هي الملف الذي تحركه وتلعب عليه الجهات المعادية لجمهورية السودان، ورغم ما تم من جهود سلمية عملية واضحة هناك في مقدمتها اتفاق الدوحة القطرية للسلام والتنمية والاستقرار، وجهود أخرى سلمية قامت بها السلطات جعلت بعض من حملوا السلاح يلغونه ويعودون للعمل بالسياسة. وفي الأحزاب الدارفورية الكثيرة التي خاضت الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة شاهد على ذلك، فضلاً عن الاستقرار والسلام الذي جرت فيه الانتخابات هناك، والنتيجة الإحصائية التي أعلنتها الهيئة القومية للانتخابات في تقريرها النهائي تقول بذلك وتؤكده.
وما تم في “جوهانسبرج” من فشل أعقبه نجاح كبير للرئيس السوداني – البشير – المنتخب ديمقراطياً لجولة ثانية هو الذي جعل مندوبة “الولايات المتحدة” في “الأمم المتحدة” تدلي بتصريحات وإفادات غير محايدة أو منصفة عن الوضع في دارفور. وقد كان الحديث عن عدم رضا السودان عن دور (اليوناميد) في دارفور.. وتقاريرها وجهودها هي الأخرى تصب في غير الحقيقة في دارفور.
والحال هكذا فقد كان مطلب الحكومة السودانية برحيل اليوناميد في محله تماماً، وقد كان لمجلس الأمن الدولي القرار رقم 2173 بفريق عمل مكون من الحكومة السودانية و”الأمم المتحدة” و”الاتحاد الأفريقي” يرتب لخروج اليوناميد ويقوم بعمليات تقييم للأوضاع في دارفور بتنسيق تام وشفافية من وقت لآخر.. وهو ما لم تقم به اليوناميد.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك في دارفور – حسب فريق العمل المذكور – مناطق لا تعاني بل تخلو من المشاكل الأمنية والإنسانية مما يحتم – حسب المجموعة خروج اليوناميد – أو النافذة التي تطل عرها جهود داعمة لمن كانوا خلف الاتهامات الجنائية ضد الرئيس السوداني من منظمات ودول من بينها تلك التي لم توقع على (ميثاق روما) الذي أسس للمحكمة الجنائية الدولية، ولكنها تحركها وتغذيها، والإحالة هنا إلى “الولايات المتحدة الأمريكية” دولة المندوبة التي أطلقت تصربحات عن دارفور في الاجتماع الأخير.
في الأمر على كل حال وكما نرى:
_ غبينة بايتة – كما يقولون..!
_ وحرص على أن تكون للجنائية الدولية عصاها الني ترفعها في وجه الدول الأفريقية وأمثالها في العالم.
والغبينة البايتة تكمن في ما جرى في “جوهانسبرج” من نصر للرئيس السوداني وللقارة الأفريقية بشكل عام.. وضربة قاضية ومؤثرة للمحكمة الدولية.
فـ”الولايات المتحدة الأمريكية” وأتباعها – “بريطانيا” و”فرنسا” حريصون كما ذكرنا أعلاه على أن تكون للجنائية الدولية عصاها التي ترفعها في وجه الدول الأفريقية وقادتها وأمثالها في العالم، فثلاثتهم (أمريكا وبريطانيا وفرنسا)، وهم قادة تحالف الحرب الكونية الثانية وما بعدها في العالم، والذين لهم تأثيرهم على مجلس الأمن الدولي وتوابعه تحت مسمى (الخمسة الكبار) أو الـ(1+5) الآن.
فإن يصبح الاتحاد الأفريقي أداة تجمع سياسي واقتصادي وتنموي ودبلوماسي أفريقية كما حدث في “جوهانسبرج” وعواصم أخرى يبدو غير مريح للمجموعة الدولية والأممية المذكورة، ووقوف السودان مؤخراً ضد تصريحات المسؤول البريطاني ومندوبة أمريكا في “الأمم المتحدة” بهذه القوة، مؤشر آخر على أن الدول الأفريقية لم تعد غير قادرة على الدفاع عن مصالحها وكرامتها الإنسانية والدبلوماسية، فما يقوم به المندوب السوداني وفريقه في “الأمم المتحدة” الآن ووزارة الخارجية (المركز) جدير بالاحترام والتقدير – فما ضاع حق خلفه مدافع..!
الثلاثة الكبار (أمريكا وبريطانيا وفرنسا) أمامهم حقائق ووقائع دبلوماسية وإنسانية وسياسية وأخلاقية تهزمهم وتعوق تطلعاتهم، ومنها أنهم ورغم وضعهم المميز والخاص في الأنظمة والهياكل الأممية بمواثيقها وقوانينها يعجزون في مواجهة الدولة العبرية (إسرائيل) التي تخرق كل القوانين والنظم الإنسانية، غير أنه لا أحد يقول لها (كفى) أو يرفع في وجهها عصا مثل تلك التي يرفعونها في وجوه الآخرين. والله المستعان.