مسالة مستعجلة
الجنوب.. يسووها الكبار ويتحملوها الصغار!!
نجل الدين ادم
انعقد بالعاصمة الكينية نيروبي مؤخراً مؤتمر لدول الجوار الجنوب سوداني، وهي الدول التي تجاور دولة الجنوب جغرافياً.. المؤتمر بحث مشكلة تمويل إعاشة اللاجئين الذين فروا إلى هذه البلدان جراء تفاقم الأوضاع في دولة جنوب السودان الوليدة.
تداعت هذه الدول لهذا الاجتماع بعد أن أحست باستمرار حالة التدفق الكبير من اللاجئين دون أن يقابل ذلك أية معالجات. وبالطبع فإن إثيوبيا أو كينيا أو يوغندا في غنى عن تحمل أعباء إضافية وبلدانهم تعاني ما تعاني من مشكلة اقتصادية والسودان ليست بمنأى عنها، لكن يسعى هؤلاء على أقل تقدير لتقديم حق (الجيرة).
جنوب السودان أصبح الآن بهذه الحالة التي هو عليها ضمن قائمة الدول الأكثر نزوحاً، وقد بلغ نازحوه أكثر من مليوني شخص، بعد سوريا والعراق والكنغو وهو دولة حديثه عهد، ويبدو أن الوضع ميئوس منه من واقع استمرار الأزمة في الجنوب بين الفرقاء، فكلما تستعر الحرب يكون الضحية المواطن البسيط، وتتحمل تبعات الأزمة دول الجوار المغلوبة على أمرها، تخيلوا.. وكما يقول المثل يسووها الكبار ويتحملوها الصغار، وهذا ما حدث بالضبط في حالة دولة جنوب السودان، حيث سعت الولايات المتحدة والدول الغربية بكل ما تملك من قوة حتى يتم الانفصال، وفي المقابل فعلت القيادات الجنوبية صاحبة الأهداف ما فعلت وأقنعت المواطن البسيط بالتصويت لصالح الانفصال من الدول الأم– السودان، لكن ماذا حدث بعد ذلك؟ ترك الغرب الملعب للجنوبيين لإدارة الصراع القبلي ونأى بنفسه، وفي المقابل اتجهت تلك القيادات الجنوبية للتوسع في رغباتها الشخصية وتمددت أطماعها ونسيت المواطن في غمرة بحث عن كرسي! هكذا الحال الآن في دولة جنوب السودان.
وكما أشرت، فإن همّ هذه الدول الجارة، والسودان بالتأكيد الأكثر ضرراً، توفير تمويل لمقابلة زحف اللجوء المتدفق عليها، فهل تملك هذه الدول إمكانيات حتى توفر مأوى ومأكل ومشرب لمليوني شخص يزيدون على رأس كل دقيقة؟ الإجابة غير معروفة.
كنت أتمنى من هذه الدول أن تتحرك من منطلقات واقعية وتسأل هل هي من سعى إلى حدوث هذا الانفصال الذي كان شرارة هذا الوضع الجديد؟ أين الغرب؟ وأين واشنطن التي دعمت وأيدت؟!
اجتماع نيروبي الذي انفض لن يجدي نفعاً طالما أن هذه الدول تتحاشى البحث في الحقائق، وحتى تتوصل إلى حلول عملية فإن عليها أن تدعو الولايات المتحدة وأحلافها لتبني مؤتمر لوقف زحف اللجوء الجنوب سوداني أولاً ومن ثم تقديم المساعدات والعمل لتحقيق السلام، وقتها يمكن أن نقول لها إنك قد أصبت كبد الحقيقة.. والله المستعان.